وَلَا يُطْعِمَانِ كَالْمَرِيضِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ (وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ) أَيْ رَفَعَ نِصْفَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ ابْتِدَاءً عَنِ الْمُسَافِرِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (أَوْ نِصْفَ الصَّلَاةِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (وَالصَّوْمَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى شَطْرِ الصَّلَاةِ (فَتَلَهَّفَتْ نَفْسِي) أَيْ تَأَسَّفَتْ (أَنْ لَا أَكُونَ أَكَلْتُ) أَيْ عَلَى تَرْكِ أَكْلِي مِنْ طَعَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَا نَعْرِفُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَأَنَسٌ هَذَا كُنْيَتُهُ أَبُو أُمَيَّةَ
وَفِي الرِّوَايَةِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَمْسَةٌ اثْنَانِ صَحَابِيَّانِ هَذَا وَأَبُو حَمْزَةَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالِدُ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ وَالرَّابِعُ شَيْخٌ حِمْصِيٌّ حَدَّثَ وَالْخَامِسُ كُوفِيٌّ حَدَّثَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ الْمُسَافِر بِالْعِدَّةِ مِنْ أَيَّام أُخَرَ فَهِيَ فَرْضه الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ الصَّحَابَة
وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيم الصَّوْم فِي السَّفَر عَلَى الْإِطْلَاق وَقَدْ أَخْبَرَ أَبُو سَعِيد أَنَّهُ صَامَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد الْفَتْح فِي السَّفَر
قَالُوا وَأَمَّا قَوْله لَيْسَ مِنْ الْبِرّ الصِّيَام فِي السَّفَر فَهَذَا خَرَجَ عَلَى شَخْص مُعَيَّنٍ رَآهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَجَهِده الصَّوْم فَقَالَ هَذَا الْقَوْل أَيْ لَيْسَ الْبِرّ أَنْ يُجْهِد الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ حَتَّى يَبْلُغ بِهَا هَذَا الْمَبْلَغ وَقَدْ فَسَّحَ اللَّه لَهُ فِي الْفِطْر
فَالْأَخْذ إِنَّمَا يَكُون بِعُمُومِ اللَّفْظ الَّذِي يَدُلّ سِيَاق الْكَلَام عَلَى إِرَادَته فَلَيْسَ مِنْ الْبِرّ هَذَا النَّوْع مِنْ الصِّيَام الْمُشَار إِلَيْهِ فِي السَّفَر
وَأَيْضًا فَقَوْله لَيْسَ مِنْ الْبِرّ أَيْ لَيْسَ هُوَ أَبَرّ الْبِرّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون الْإِفْطَار أَبَرّ مِنْهُ إِذَا كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ يَتَقَوَّى عَلَيْهِ
وَقَدْ يَكُون الْفِطْر فِي السَّفَر الْمُبَاح بِرًّا لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَبَاحَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ وَهُوَ سُبْحَانه يُحِبّ أَنْ يُؤْخَذ بِرُخَصِهِ وَمَا يُحِبّهُ اللَّه فَهُوَ بِرّ فَلَمْ يَنْحَصِر الْبِرّ فِي الصِّيَام فِي السَّفَر
وَتَكُون مِنْ عَلَى هَذَا زَائِدَةٌ وَيَكُون كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهكُمْ}
الْآيَة وَكَقَوْلِك مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَد وَفِي هَذَا نَظَرٌ
وَأَحْسَن مِنْهُ أَنْ يُقَال إِنَّهَا لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ بَلْ هِيَ عَلَى حَالهَا
وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْم فِي السَّفَر لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الَّذِي تَظُنُّونَهُ وَتَتَنَافَسُونَ عَلَيْهِ
فَإِنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الصوم هو