قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُعْتَزِلَةُ وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ (ذَكَرَهُ) الْعَلَّامَةُ الْأَلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ رُوحُ الْمَعَانِي
وَقَدْ بَسَطَ الْعَلَّامَةُ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَوَابِ عَنِ التَّأْوِيلَاتِ فِي تَفْسِيرِهِ فَتْحِ الْقَدِيرِ فَعَلَيْكَ بِمُطَالَعَتِهِمَا لِيَنْجَلِيَ لَكَ الْحَقُّ
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمانها خيرا عُطِفَ عَلَى آمَنَتْ أَيْ لَا يَنْفَعُ الْكَافِرَ إِيمَانُهُ فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَلَا الْفَاسِقَ الَّذِي مَا كَسَبَ خَيْرًا فِي إِيمَانِهِ تَوْبَتُهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ اللَّفِّ التَّقْدِيرِيِّ أَيْ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا وَلَا كَسْبُهَا فِي الْإِيمَانِ إِنْ لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيهِ أَيْ لَا يَنْفَعُهُمْ تَلَهُّفُهُمْ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ بِالْكِتَابِ وَلَا عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِمَا فِيهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه انتهى
٣ - (باب حَسْرِ الْفُرَاتِ)
عَنْ كَنْزٍ الْفُرَاتُ كَغُرَابٍ النَّهَرُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ بِالتَّاءِ وَيُقَالُ يَجُوزُ بِالْهَاءِ كَالتَّابُوتِ وَالتَّابُوهِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالْعَنْكَبُوهِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ
وَالْحَسْرُ الِانْكِشَافُ
[٤٣١٣] يُوشِكُ) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ يَقْرَبُ (أَنْ يَحْسِرَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ وَالْحَاءُ وَالسِّينُ مُهْمَلَتَانِ أَيْ يَنْكَشِفُ (فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَخْذَ منه ممكن وعلى هذا فيجوز أَنْ يَكُونَ دَنَانِيرَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِطَعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تِبْرًا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَخْذِهِ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ أَخْذِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذهب فيقتل عَلَيْهِ النَّاسُ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وتسعين وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُوشِكُ أَنْ يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهُ قَالَ فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ هَذَا تَلْخِيصُ مَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ
[٤٣١٤] (إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ) يَعْنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ رَوَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُ حَدِيثِهِ السَّابِقِ إِلَّا أَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَعَ لَفْظُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ لَفْظُ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ
قَالَ الْحَافِظُ تَسْمِيَتُهُ كَنْزًا بِاعْتِبَارِ حَالِهُ قَبْلَ أَنْ يَنْكَشِفَ وَتَسْمِيَتُهُ جَبَلًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى كَثْرَتِهِ