الْبُخَارِيِّ لِتَسْتَفْرِغَ مَا فِي صَحْفَتِهَا
وَالصَّحْفَةُ إِنَاءٌ كَالْقَصْعَةِ يَعْنِي لِتَجْعَلَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ قَصْعَةَ أُخْتِهَا خَالِيَةً عَمَّا فِيهَا وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ أَنْ يَصِيرَ لَهَا مَا كَانَ يَحْصُلُ لِضَرَّتِهَا مِنَ النفقة وغيرها (ولتنكح) عطف على لتسفرغ وَكِلَاهُمَا عِلَّةٌ لِلنَّهْيِ أَيْ لِتَجْعَلَ صَحْفَتَهَا فَارِغَةً لتفوز بحظها وتنكح زوجها
وقال العلامة بن الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ قَوْلُهُ وَلِتَنْكِحَ بَالنَّصْبِ بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ يَعْنِي لِتَنْكِحَ طَالِبَةُ الطَّلَاقِ زَوْجَ تِلْكَ الْمُطَلَّقَةِ وَإِنْ كَانَتِ الطَّالِبَةُ وَالْمَطْلُوبَةُ تَحْتَ رَجُلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ ضَمِيرُهُ إِلَى الْمَطْلُوبَةِ يَعْنِي لِتَنْكِحَ ضَرَّتُهَا زَوْجًا آخَرَ فَلَا تَشْتَرِكَ مَعَهَا فِيهِ
وَرُوِيَ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ يَعْنِي لِتُجْعَلَ مَنْكُوحَةً لَهُ
وَرُوِيَ وَلْتَنْكِحْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ الْمَعْلُومِ الْمَجْهُولِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا تَسْأَلْهُ يَعْنِي لِتَثْبُتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ الْمَنْكُوحَةُ عَلَى نِكَاحِهَا الْكَائِنِ مَعَ الضَّرَّةِ قَانِعَةً بِمَا يَحْصُلُ لَهَا فِيهِ أَوْ مَعْنَاهُ وَلْتَنْكِحْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ الْغَيْرُ الْمَنْكُوحَةِ زَوْجًا غَيْرَ زَوْجِ أُخْتِهَا وَلِتَتْرُكَ ذَلِكَ الزَّوْجَ لَهَا أَوْ مَعْنَاهُ لِتَنْكِحْ تِلْكَ الْمَخْطُوبَةُ زَوْجَ أُخْتِهَا وَلْتَكُنْ ضَرَّةً عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلْجَمْعِ مَعَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ طَلَاقَ أُخْتِهَا (فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوصِلُ إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ مَا قُدِّرَ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءً كَانَتْ مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَ أُخْرَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ)
[٢١٧٧] (أَخْبَرَنَا مُعَرِّفٌ) بِكَسْرِ الراء المشددة هو بن وَاصِلٍ السَّعْدِيُّ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ (مَا أَحَلَّ اللَّهُ) مَا نَافِيَةٌ (شَيْئًا أَبْغَضُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَيْسَ كُلُّ حَلَالٍ مَحْبُوبًا بَلْ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا هُوَ مَحْبُوبٌ وَإِلَى مَا هُوَ مَبْغُوضٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ فِيهِ مُنْصَرِفٌ إِلَى السَّبَبِ الْجَالِبِ لِلطَّلَاقِ وَهُوَ سُوءُ الْعِشْرَةِ وَقِلَّةُ الْمُوَافَقَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الطَّلَاقِ لَا إِلَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيث مُعَاذ بْن جَبَل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحَلَّ اللَّه شَيْئًا أَبْغَض إِلَيْهِ مِنْ الطَّلَاق وَفِيهِ حُمَيْدُ بْن مَالِك وَهُوَ ضَعِيف
وَفِي مُسْنَد الْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُطَلَّق النِّسَاء إِلَّا مِنْ رِيبَة إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الذَّوَّاقِينَ وَلَا الذواقات