للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مُرْتَفِعَةً)

[١٢٧٤] فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ حَيَّةً بَيْضَاءَ

قَالَ الْحَافِظُ بن عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ رَوَوُا النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ

قَالُوا فَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ هَذَا مَعْنَاهُ وَحَقِيقَتُهُ

قَالُوا وَنَهْيُهُ عَلَى قَطْعِ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أُبِيحَتِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَمْ يُؤْمَنِ التَّمَادِي فِيهِمَا إِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَهِيَ حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وحين غروبها

هذا مذهب بن عُمَرَ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنا بن جريج عن نافع سمع بن عُمَرَ يَقُولُ أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي مِنْ لَيْلٍ وَنَهَارٍ غَيْرَ أَنْ لَا يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن ذَلِكَ

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار عن بن عمر معناه وهو قول عطاء وطاووس وعمرو بن دينار وبن جريج وروى عن بن مسعود نحوه ومذهب بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ خِلَافُ مَذْهَبِ أَبِيهِ ومذهب عائشة في هذا الباب كمذهب بن عمر لما روى بن طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَهِمَ عُمَرُ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ أَنْ يَتَحَرَّاهَا طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبَهَا انْتَهَى

كَذَا فِي إِعْلَامِ أَهْلِ الْعَصْرِ

وَفِي الْفَتْحِ حَكَى أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُمَا لَا يُتَطَوَّعُ بَعْدَهُمَا وَلَمْ يَقْصِدِ الْوَقْتَ بِالنَّهْيِ كَمَا قَصَدَ بِهِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ وَقْتُ الطُّلُوعِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ وَمَا قَارَبَهَا

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العزيز بن رفيع قال رأيت بن الزُّبَيْرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُخْبِرُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إِلَّا صَلَّاهُمَا وَكَأَنَّ بن الزُّبَيْرِ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا فَهِمَتْهُ خَالَتُهُ عائشة

انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>