الْخُطْبَةَ عَلَى مِنْبَرِهَا بِدْعَةٌ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ كَمَا فَعَلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَإِنَّمَا أَحْدَثَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَأَقَرَّهُ السَّلَفُ مَعَ اعْتِرَاضِهِمْ عَلَيْهِ فِي وَقَائِعَ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (حَتَّى يَفْرُغَ أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (الْمُؤَذِّنَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِأُرَاهُ وَبِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ لِيَفْرُغَ أي قال الراوي عن بن عمر أظن بن عُمَرَ قَالَ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ قَالَ الرَّاوِي أظن أن بن عمر أراد بإطلاق قوله حتى يفرغ تقيده بِالْمُؤَذِّنِ وَالْمَعْنَى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِقْدَارَ مَا يَفْرُغُ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَذَانِهِ (ثُمَّ يَجْلِسُ) أَيْ جِلْسَةً خَفِيفَةً (فَلَا يَتَكَلَّمُ) أَيْ حَالَ جُلُوسِهِ بِغَيْرِ الذِّكْرِ أَوِ الدُّعَاءِ أَوِ الْقِرَاءَةِ سِرًّا والأولى القراءة لرواية بن حِبَّانَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي جُلُوسِهِ كِتَابَ اللَّهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ الْإِخْلَاصِ كَذَا فِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِيهِ مَقَالٌ
٢ - (بَاب الْخُطْبَةِ قَائِمًا)
[١٠٩٣] (كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا) فِيهِ أَنَّ الْقِيَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ مَشْرُوعٌ
قال بن الْمُنْذِرِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ انْتَهَى وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْوُجُوبِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِيَامَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَهُ الشوكاني
وأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقْعُدَانِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَوَّلُ من جلس على المنبر معاوية
وروى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ إِنَّمَا خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قَاعِدًا حَيْثُ كَثُرَ شَحْمُ بَطْنِهِ وَلَحْمِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْطُبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ قِيَامًا يَفْصِلُونَ بَيْنَهُمَا بِالْجُلُوسِ حَتَّى جَلَسَ مُعَاوِيَةُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى فَخَطَبَ جَالِسًا وَخَطَبَ فِي الثَّانِيَةِ قَائِمًا
قُلْتُ إِنَّ الثَّابِتَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ (أَكْثَرَ من ألفي صلاة) قال النووي المراد الصلوات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute