سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِهَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ لَا نَهْيَ عَنْهُ وَلَا نَدْبَ فِيهِ لِعَيْنِهِ بَلْ لَهُ حُكْمُ بَاقِي الشُّهُورِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي صَوْمِ رَجَبٍ نَهْيٌ وَلَا نَدْبٌ وَلَا نَهْيٌ لِعَيْنِهِ وَلَكِنَّ أَصْلَ الصَّوْمِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ إِلَى الصَّوْمِ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَرَجَبٌ أَحَدُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي وبن مَاجَهْ
٦ - (بَاب فِي صَوْمِ شَعْبَانَ)
(كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ) خَبَرُ كَانَ لِكَوْنِهِ صِفَةً وَشَعْبَانُ اسْمُهُ (أَنْ يَصُومَهُ) وَفِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَحَبِّ الشُّهُورِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِيهِ عَائِدٌ إِلَى أَحَبِّ الشُّهُورِ (شَعْبَانُ) اسْمُ كَانَ بِحَذْفِ الْمُضَافِ تَقْدِيرُهُ كَانَ شَعْبَانُ أَيْ صَوْمُهُ صَوْمَ أحب الشهور إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهَا أَنْ يَصُومَهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِيهِ عَائِدٌ إِلَى أَحَبِّ الشُّهُورِ تَقْدِيرُهُ كَانَ شَعْبَانُ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَصُومَ أَحَبِّ الشُّهُورِ
وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ شَعْبَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِي أَمْرِ الصَّوْمِ فَقَطْ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَبُّ الشُّهُورِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ أَمْرِ الصَّوْمِ غَيْرَ شعبان والوجه الأول هو القوي
قال بن رَسْلَانَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخُصُّ شَعْبَانَ بِصِيَامِ التَّطَوُّعِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ فَالْجَوَابُ أَنَّ جَمَاعَةً أَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ غَيْرِ قَوِيَّةٍ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ صِيَامَ الْمُحَرَّمِ أَفْضَلُ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ كَمَا قَالَ النووي أفضل الشهر لِلصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ وَيَلِي الْمُحَرَّمَ فِي الْفَضْلِ رَجَبٌ وَالْأَظْهَرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَعْبَانُ لِمُحَافَظَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَوْمِهِ أَوْ صَوْمِ أَكْثَرِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ الْمُحَرَّمُ مَحْمُولًا عَلَى التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ تَفْضِيلُ قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ دُونَ السُّنَنِ وَالرَّوَاتِبِ الَّتِي قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فَكَذَلِكَ مَا كَانَ قَبْلَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ شَوَّالٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِالسُّنَنِ وَالرَّوَاتِبِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute