٤٣ - (بَاب فِي الْفِدْيَةِ)
[١٨٥٦] (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) بضم العين وإسكان الجيم (هو أم رأسك) قال في المصباح والهامة ماله سُمٌّ يَقْتُلُ كَالْحَيَّةِ
قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابِّ وَقَدْ تُطْلَقُ الْهَوَامُّ عَلَى مالا يَقْتُلُ كَالْحَشَرَاتِ وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أيؤذيك هو أم رَأْسِكَ وَالْمُرَادُ الْقَمْلُ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ بِجَامِعِ الْأَذَى انْتَهَى (اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا) بِضَمِّ النُّونِ وَالسِّينِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالنَّسِيكَةُ الذَّبِيحَةُ وَجَمْعُهَا نُسُكٌ وَالنُّسُكُ أَيْضًا الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ وَكُلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى
وَهَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ اسْتُفِيدَ بِأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (أَوْ أَطْعِمْ) أَوْ لِلتَّخْيِيرِ (آصُعٍ) جَمْعُ صَاعٍ وَفِي الصَّاعِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَهُوَ مِكْيَالٌ يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَ بِالْبَغْدَادِيِّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْآصُعَ جَمْعُ صَاعٍ صَحِيحٌ
وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْآصُعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لِضَرَرٍ مِنْ قَمْلٍ أَوْ مرض أو نحوهما فَلَهُ حَلْقُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أو صدقة أو نسك وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَالنُّسُكُ شَاةٌ وَهِيَ شَاةٌ تَجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ وَالْأَحَادِيثَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّ نِصْفَ الصَّاعِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحِنْطَةِ فَأَمَّا التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَغَيْرُهُمَا فَيَجِبُ صَاعٌ لِكُلِّ مسكين وهذا خلاف نصه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ
وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَةً أَنَّهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ وَعَنِ