للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣ - (بَاب فِي الْقَصَصِ)

[٣٦٦٥] أَيْ هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ مَنْ أَحَقُّ مِنَ النَّاسِ بِالْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ وَالتَّذْكِيرِ

(لَا يَقُصُّ) نَفْيٌ لَا نَهْيٌ وَوَجْهُهُ مَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ إِنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى النَّهْيِ الصَّرِيحِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَالُ مَأْمُورًا بِالِاقْتِصَاصِ ثُمَّ الْقَصُّ التَّكَلُّمُ بِالْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ وَالْمَوَاعِظِ

وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْخُطْبَةُ خَاصَّةً

وَالْمَعْنَى لَا يَصْدُرُ هَذَا الْفِعْلُ إِلَّا مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ

قاله القارىء (إِلَّا أَمِيرٌ) أَيْ حَاكِمٌ (أَوْ مَأْمُورٌ) أَيْ مَأْذُونٌ لَهُ بِذَلِكَ مِنَ الْحَاكِمِ أَوْ مَأْمُورٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَبَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ (أَوْ مُخْتَالٌ) أَيْ مُفْتَخِرٌ مُتَكَبِّرٌ طَالِبٌ لِلرِّيَاسَةِ

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ إِلَّا لِأَمِيرٍ يَعِظُ النَّاسَ وَيُخْبِرُهُمْ بِمَا مَضَى لِيَعْتَبِرُوا أَوْ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَمِيرِ وَلَا يَقُصُّ تَكَسُّبًا أَوْ يَكُونُ الْقَاصُّ مُخْتَالًا يَفْعَلُ ذَلِكَ تَكَبُّرًا عَلَى النَّاسِ أَوْ مُرَائِيًا يُرَائِي النَّاسَ بِقَوْلِهِ وَعِلْمِهِ لَا يَكُونُ وَعْظُهُ وَكَلَامُهُ حَقِيقَةً

وَقِيلَ أَرَادَ الْخُطْبَةَ لِأَنَّ الْأُمَرَاءَ كَانُوا يَلُونَهَا فِي الْأَوَّلِ وَيَعِظُونَ النَّاسَ فِيهَا وَيَقُصُّونَ عَلَيْهِمْ أَخْبَارَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ انْتَهَى

قَالَ الخطابي بلغني عن بن سُرَيْجٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا فِي الْخُطْبَةِ وَكَانَ الْأُمَرَاءُ يَلُونَ الْخُطَبَ وَيَعِظُونَ النَّاسَ وَيُذَكِّرُونَهُمْ فِيهَا فَأَمَّا الْمَأْمُورُ فَهُوَ مَنْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ خَطِيبًا فَيَقُصَّ النَّاسَ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ وَالْمُخْتَالُ هُوَ الَّذِي نَصَّبَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ وَيَقُصُّ عَلَى النَّاسِ طَلَبًا لِلرِّيَاسَةِ فَهُوَ الَّذِي يُرَائِي بِذَلِكَ وَيَخْتَالُ

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى النَّاسِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مُذَكِّرٌ وَوَاعِظٌ وَقَاصٌّ فَالْمُذَكِّرُ الَّذِي يُذَكِّرُ النَّاسَ آلَاءَ الله ونعمائه وَيَبْعَثُهُمْ بِهِ عَلَى الشُّكْرِ لَهُ وَالْوَاعِظُ يُخَوِّفُهُمْ بِاللَّهِ وَيُنْذِرُهُمْ عُقُوبَتَهُ فَيَرْدَعُهُمْ بِهِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْقَاصُّ هُوَ الَّذِي يَرْوِي لَهُمْ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ وَيَسْرُدُ لَهُمُ الْقَصَصَ فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا أَوْ يَنْقُصَ

وَالْمُذَكِّرُ وَالْوَاعِظُ مَأْمُونٌ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ انْتَهَى

وَقَالَ السِّنْدِيُّ الْقَصُّ التَّحَدُّثُ بِالْقَصَصِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْوَعْظِ وَالْمُخْتَالُ هُوَ الْمُتَكَبِّرُ قِيلَ هَذَا فِي الْخُطْبَةِ وَالْخُطْبَةُ مِنْ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ فَإِنْ شَاءَ خَطَبَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ نَصَّبَ نائبا

<<  <  ج: ص:  >  >>