الْأَوْصَافِ أَوْ عَلَى مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ مِنْ إِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ إِذَا سَمِعَ الْمَدْحَ وَأَمَّا مَنْ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَمَالِ تَقْوَاهُ وَرُسُوخِ عَقْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَلَا نَهْيَ فِي مَدْحِهِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ بَلْ إِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَنَشْطِهِ لِلْخَيْرِ أَوِ الِازْدِيَادِ مِنْهُ أَوِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ أَوِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَانَ مُسْتَحَبًّا انْتَهَى (لَا محالة بفتح الميم أي لابد (فَلْيَقُلْ إِنِّي أَحْسَبُهُ) أَيْ أَظُنُّهُ (كَمَا يُرِيدُ) أَيِ الْمَادِحُ (أَنْ يَقُولَ) فِي حَقِّ الْمَمْدُوحِ
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَدْحَ الَّذِي يُرِيدُ الْمَادِحُ أَنْ يَقُولَ فِي حَقِّ الْمَمْدُوحِ فَلَا يُقْطَعُ فِي حَقِّهِ بَلْ يَقُولُ إِنِّي أَظُنُّهُ كَذَا وَكَذَا
وَلَفْظُ الشَّيْخَيْنِ إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسَبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّهُ (لَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا أَقْطَعُ عَلَى عَاقِبَتِهِ وَلَا عَلَى مَا فِي ضَمِيرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُغَيَّبٌ عَنِّي وَلَكِنْ أَحْسَبُ وَأَظُنُّ لِوُجُودِ الظَّاهِرِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم وبن مَاجَهْ
[٤٨٠٦] (قَالَ قَالَ أَبِي) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الشِّخِّيرِ (فَقَالَ السَّيِّدُ اللَّهُ) أَيْ هُوَ الحقيق بهذا الاسم
قال القارىء أَيِ الَّذِي يَمْلِكُ نَوَاصِيَ الْخَلْقِ وَيَتَوَلَّاهُمْ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي سِيَادَتَهُ الْمَجَازِيَّةَ الْإِضَافِيَّةَ الْمَخْصُوصَةَ بِالْأَفْرَادِ الْإِنْسَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخَرَ أَيْ لَا أَقُولُ افْتِخَارًا بَلْ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا انْتَهَى وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بِلَالٍ تواضع
انتهى كلام القارىء (وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا) أَيْ مَزِيَّةً وَمَرْتَبَةً وَنَصَبَهُ عَلَى التمييز (وأعظمنا طولا) أي عطاء الأحباء وَعُلَوًا عَلَى الْأَعْدَاءِ (فَقَالَ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ) أَيْ مَجْمُوعِ مَا قُلْتُمْ أَوْ هَذَا الْقَوْلِ وَنَحْوِهِ (أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ) أَيِ اقْتَصِرُوا عَلَى إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الْمُبَالَغَةِ بِهِمَا
وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ أَيْ بَلْ قُولُوا بَعْضَ مَا قُلْتُمْ مُبَالَغَةً فِي التواضعوقيل قُولُوا قَوْلَكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ لِأَجْلِهِ وَدَعُوا غَيْرَكُمْ مِمَّا لَا يَعْنِيكُمْ (وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ) أَيْ لَا يَتَّخِذَنَّكُمْ جَرِيًّا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ كَثِيرَ الْجَرْيِ فِي طَرِيقِهِ وَمُتَابَعَةِ خُطُوَاتِهِ
وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْجَرَاءَةِ بِالْهَمْزَةِ أَيْ لَا يَجْعَلَنَّكُمْ ذَوِي شَجَاعَةٍ عَلَى التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute