وَفِي بَعْضِهَا رَجُلٌ بِحَذْفِهَا وَالْفَاءُ تَفْصِيلِيَّةٌ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ حَاصِرٌ فَإِنَّ حَاضِرِي الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةٌ فَمِنْ رَجُلٍ لَاغٍ مُؤْذٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَحَظُّهُ مِنَ الْحُضُورِ اللَّغْوُ وَالْأَذَى وَمِنْ ثَانٍ طَالِبٍ حَظَّهُ غَيْرِ مُؤْذٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ بِكَرْمِهِ فَيُسْعِفَ مَطْلُوبَهُ وَمِنْ ثَالِثٍ طَالِبٍ رِضَا اللَّهِ عَنْهُ مُتَحَرٍّ احْتِرَامَ الْخَلْقِ فَهُوَ هُوَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (حَضَرَهَا يَلْغُو) حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ (وَهُوَ) اللَّغْوُ (حَظُّهُ) أَيْ حَظُّ ذَلِكَ الرَّجُلِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ حضورها
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ أَيْ لَا حَظَّ لَهُ كَامِلَ لِأَنَّ اللَّغْوَ يَمْنَعُ كَمَالَ ثَوَابِ الْجُمُعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِاللَّغْوِ مَا يَشْمَلُ التَّخَطِّيَ وَالْإِيذَاءَ بِدَلِيلِ نَفْيِهِ عَنِ الثَّالِثِ أَيْ فَذَلِكَ الْأَذَى حَظُّهُ (وَرَجُلٍ حَضَرَهَا يَدْعُو) أَيْ مُشْتَغِلًا بِهِ حَالَ الْخُطْبَةِ حَتَّى مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ أَوْ كَمَالِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الثَّالِثِ بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ (إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ) أَيْ مُدَّعَاهُ لِسَعَةِ حِلْمِهِ وَكَرْمِهِ (وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ) عِقَابًا عَلَى مَا أَسَاءَ بِهِ مِنْ اشْتِغَالِهِ بِالدُّعَاءِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (وَرَجُلٍ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ) أَيْ مُقْتَرِنًا بِسُكُوتٍ مَعَ اسْتِمَاعٍ (وَسُكُوتٍ) أَيْ مُجَرَّدٌ فَالْأَوَّلُ إِذَا كَانَ قَرِيبًا وَالثَّانِي إِذَا كَانَ بَعِيدًا وَهُوَ يُؤَيِّدُ قول محمد بن أبي سلمة وبن الْهُمَامِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِنْصَاتَ وَالسُّكُوتَ بِمَعْنًى وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ وَمَحَلُّهُ إِذَا سَمِعَ الْخُطْبَةَ فَفِي النِّهَايَةِ الْإِنْصَاتُ أَنْ يَسْكُتَ سُكُوتَ مُسْتَمِعٍ وَفِي الْقَامُوسِ أَنْصَتَ سَكَتَ وَأَنْصَتَ لَهُ سَكَتَ لَهُ وَاسْتَمَعَ لِحَدِيثِهِ وَأَنْصَتَهُ أَسْكَتَهُ
انْتَهَى
فَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِأَنَّهُ يُسْكِتُ النَّاسَ بِالْإِشَارَةِ فَإِنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ بِإِنْصَاتٍ لِلْخَطِيبِ وَسُكُوتٍ عَنِ اللَّغْوِ (وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ) أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْهَا (وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا) أَيْ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ الْأَذَى كَالْإِقَامَةِ مِنْ مَكَانِهِ أَوِ الْقُعُودِ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهِ أَوْ عَلَى سَجَّادَتِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ بِنَحْوِ رَائِحَةِ ثُومٍ أَوْ بَصَلٍ (فَهِيَ) أَيْ جُمْعَتُهُ الشَّامِلَةُ لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ (كَفَّارَةٌ) أَيْ لَهُ
قَالَهُ الطِّيبِيُّ أَيْ لِذُنُوبِهِ مِنْ حِينِ انْصِرَافِهِ (إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي) أَيْ إِلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ الْجُمُعَةِ التي (تليها) أي تقر بِهَا وَهِيَ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى مَا وَرَدَ مَنْصُوصًا (وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْجُمُعَةِ (وَذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ كَفَّارَةِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ مِنَ السَّبْعَةِ وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةٍ (بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ) أَيْ بِسَبَبِ مُطَابَقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute