مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ الْحَدِيثَ
وَأَخْرَجَ بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّةَ العوفي عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَعُ مِنْ قَبْلِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ وَمُبَشِّرٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَ أَحْمَدُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ تركه يحيى القطان وبن مَهْدِيٍّ وَعَطِيَّةُ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ الْبَاعِثِ وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ انْقَلَبَ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ فَقَالَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ انْتَهَى
وقال الترمذي وروي عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وبعدها أربعا وإليه ذهب الثوري وبن الْمُبَارَكِ (كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي الْبَاعِثِ عَلَى إِنْكَارِ الْبِدَعِ وَالْحَوَادِثِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الركعتين بعد الجمعة في بيته ولا يصليهما فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ هُوَ الْمُسْتَحَبُّ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَرْشَدَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ لا سنة للجمعة قبلها
وأما إطالة بن عُمَرَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَذَلِكَ مِنْهُ وَمِنْ أَمْثَالِهِ تَطَوُّعًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَكِّرُونَ إِلَى حُضُورِ الْجُمُعَةِ فَيَشْتَغِلُونَ بِالصَّلَاةِ وَكَذَا المراد من صلاة بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ
فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا سُنَّةُ الْجُمُعَةِ
وَقَدْ جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو بكر بن المنذر روينا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَتَيْ عشرة ركعة
وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ بَابِ التَّطَوُّعِ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ الْمَرْوِيُّ عَنْهُمْ وَبَابُ التَّطَوُّعِ مَفْتُوحٌ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ يَقَعُ مِنْهُمْ أَوْ مُعْظَمُهُ قَبْلَ الْأَذَانِ وَدُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَكِّرُونَ وَيُصَلُّونَ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ
وَجَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُتَنَفِّلِينَ بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَمُبَاحٌ وَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ صَلَّاهُ وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ اعتقاد العامة منهم ومعظم المتفقهه مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَهَا كَمَا يُصَلُّونَ السُّنَّةَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَكَ ذَلِكَ بِمَعْزِلٍ عَنِ التَّحْقِيقِ وَالْجُمُعَةُ لَا سُنَّةَ لَهَا قَبْلَهَا كَالْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ وَكَذَا الْعَصْرُ انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا
قلت حديث بن عُمَرَ الَّذِي نَشْرَحُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شرح الترمذي إسناده صحيح وقال الحافظ بن الملقن في رسالته