عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا بالمدينة ولم يكن بن عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي سِنِّ مَنْ يعقل الأمور ويعرف حقائقها ولايبعد أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي حَدِيثِهِ وَإِذَا فَتَّشْتَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يَرْوِيهِ كَانَ ذَلِكَ سَمَاعًا عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ عَائِشَةَ نَفْسَهَا قَدْ ثَبَتَ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ وَتُصَلِّي أَرْبَعًا
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[١١٩٩] (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ) بِمُوَحَّدَةٍ فَأَلِفٍ فَمُوَحَّدَةٍ ثَانِيَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتُ وَيُقَالُ بَابَاهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي (عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ) مُصَغَّرًا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَتَبُوكَ (ذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمُ) أَيْ وَذَهَبَ الْخَوْفُ فَمَا وَجْهُ الْقَصْرِ (عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَجِبْتُ مَا عَجِبْتَ مِنْهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ (فَقَالَ صَدَقَةٌ إِلَخْ) أَيْ صَلَاةُ الْقَصْرِ صَدَقَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْقَائِلِ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَاللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيْنَا وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلِ الْقَصْرُ وَاجِبٌ أَمْ رُخْصَةٌ وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْحَنَفِيَّةُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ إِلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ كَانَ مَذَاهِبُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ هُوَ الْوَاجِبُ فِي السَّفَرُ وَهُوَ قَوْلُ علي وعمر وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يُعِيدُ مَنْ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا وَقَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ
انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَإِلَى الثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ عائشة وعثمان وبن عباس
قال بن الْمُنْذِرِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الصُّبْحِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ
قَالَ النَّوَوِيُّ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ وَذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَصْرِ الْخَوْفُ فِي السَّفَرِ وَبَعْضُهُمْ كَوْنُهُ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَعَنْ بَعْضِهِمْ كَوْنُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ