لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِصَلَاتِهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وغروبها
وقوى هذا المعنى الإمام بن الْمُنْذِرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[١٢٧٧] (عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ) بِالْحَرَكَاتِ (أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّ أَيَّ أَوْقَاتِ اللَّيْلِ أَرْجَى لِلدَّعْوَةِ وَأَوْلَى لِلِاسْتِجَابَةِ (قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ) أَيْ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَهُوَ الْجُزْءُ الْخَامِسُ مِنْ أَسْدَاسِ اللَّيْلِ (فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ) أَيْ تَشْهَدُهَا الْمَلَائِكَةُ وَتَكْتُبُ أَجْرَ الْمُصَلِّينَ (ثُمَّ أَقْصِرْ) أَيِ انْتَهِ عَنِ الصَّلَاةِ وَكُفَّ عَنْهَا (فَتَرْتَفِعُ) فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ لَا يَزُولُ بِنَفْسِ طُلُوعِ الشمس بل لابد مِنَ الِارْتِفَاعِ
وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بِلَفْظِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ وَالْإِشْرَاقُ الْإِضَاءَةُ
وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ بَازِغَةً وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّلُوعِ الِارْتِفَاعُ وَالْإِضَاءَةُ لَا مُجَرَّدُ الظُّهُورِ
ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ (قِيسَ رُمْحٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرَ رُمْحٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْقِيسُ وَالْقِيدُ سَوَاءٌ أَيِ الْقَدْرُ (فَإِنَّهَا) أَيِ الشَّمْسُ (تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ الْمُرَادُ بِقَرْنَيِ الشَّيْطَانِ حِزْبُهُ وَأَتْبَاعُهُ وَقِيلَ غَلَبَةُ أَتْبَاعِهِ وَانْتِشَارُ فَسَادِهِ وَقِيلَ الْقَرْنَانِ نَاحِيَتَا الرَّأْسِ وَأَنَّهُ عَلَى ظَاهِرُهُ قَالَ وَهَذَا الْأَقْوَى وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدْنِي رَأْسَهُ إِلَى الشَّمْسِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا مِنَ الْكُفَّارِ كَالسَّاجِدِينَ لَهُ فِي الصُّورَةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ وَلِشِيعَتِهِ تَسَلُّطٌ ظَاهِرٌ وَتَمَكُّنٌ مِنْ أَنْ يُلْبِسُوا عَلَى الْمُصَلِّينَ صَلَاتَهُمْ فَكُرِهَتِ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ صِيَانَةً لَهَا كَمَا كُرِهَتْ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي هِيَ مَأْوَى الشَّيْطَانِ (وَيُصَلِّي لَهَا) أَيْ لِلشَّمْسِ (الْكُفَّارُ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ ارْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ (مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ) أَيْ تَشْهَدُهَا الْمَلَائِكَةُ وَيَحْضُرُونَهَا وَتَكْتُبُ أَجْرَهَا وَذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الْقَبُولِ وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ (حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقُومُ مُقَابِلَهُ فِي الشِّمَالِ لَيْسَ مَائِلًا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute