وَالدَّلْكُ لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَبَالَغَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ اسْتَحَبَّ تَثْلِيثَ مَسْحِ الرَّأْسِ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ
فَقَدْ نقله بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الرَّأْسِ ثَلَاثًا يَأْخُذُ لِكُلِّ مَسْحَةٍ مَاءً جَدِيدًا وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَزَاذَانَ وَمَيْسَرَةَ وَكَذَا نَقَلَهُ بن المنذر
وقال بن السَّمْعَانِيِّ فِي الِاصْطِلَامِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ فَيَكُونُ مَسَحَ تَارَةً مَرَّةً وَتَارَةً ثَلَاثًا فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَسَحَ مَرَّةً حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ التَّعَدُّدِ
قُلْتُ التَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ أَحَادِيثَ الْمَسْحِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَكْثَرُ وَأَصَحُّ وَأَثْبَتُ مِنْ أَحَادِيثِ تَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ التَّثْلِيثِ أَيْضًا صَحِيحًا مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ لَكِنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا فِي الْقُوَّةِ
فَالْمَسْحُ مَرَّةً وَاحِدَةً هُوَ الْمُخْتَارُ وَالتَّثْلِيثُ لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ غَرِيبَةٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهَا مَسْحُ الرَّأْسِ ثَلَاثًا إِلَّا أَنَّهَا مَعَ خِلَافِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّ بها
ومال بن الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ إِلَى تَصْحِيحِ التَّكْرِيرِ وَقَدْ وَرَدَ التَّكْرَارُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ خَيْرٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ أَيْضًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثَلَاثًا وَمِنْهَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا وَمِنْهَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمِنْهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ
كَذَا فِي التَّلْخِيصِ
[١٠٩] (إِلَى الْكُوعَيْنِ) الْكُوعُ بِضَمِّ الْكَافِ عَلَى وَزْنِ قُفْلٍ
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ طَرَفُ الْعَظْمِ الَّذِي عَلَى رُسْغِ الْيَدِ الْمُحَاذِي لِلْإِبْهَامِ وَهُمَا عَظْمَانِ مُتَلَاصِقَانِ فِي السَّاعِدِ أَحَدُهُمَا أَدَقُّ مِنَ الآخَرِ وَطَرَفَاهُمَا يَلْتَقِيَانِ عِنْدَ مَفْصِلِ الْكَفِّ فَالَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ يُقَالُ لَهُ الْكُرْسُوعُ وَالَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ يُقَالُ لَهُ الْكُوعُ وَهُمَا عَظْمَا سَاعِدِ الذِّرَاعِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَالَ) أَيْ أَبُو عَلْقَمَةَ (ثُمَّ مَضْمَضَ) عُثْمَانُ (وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا) أَيْ أَدْخَلَ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ بِأَنْ جَذَبَهُ بِرِيحِ أَنْفِهِ وَمَعْنَى الِاسْتِنْثَارِ إِخْرَاجُ الْمَاءِ مِنَ الْأَنْفِ بِرِيحِهِ بِإِعَانَةِ يَدِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا بَعْدَ إِخْرَاجِ الْأَذَى لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْقِيَةِ مَجْرَى النَّفَسِ (وَذَكَرَ) أَيْ أَبُو عَلْقَمَةَ (الْوُضُوءَ ثَلَاثًا) يَعْنِي غَسْلَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ فِي الْوُضُوءِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى المرفقين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute