وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النبي مَا كَانَ يُوتِرُ بِدُونِ سَبْعِ رَكَعَاتٍ وَقَالَ بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى إِنَّ الْوِتْرَ وَتَهَجُّدَ اللَّيْلِ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَجْهًا أَيُّهَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ ثُمَّ ذَكَرَهَا وَاسْتَدَلَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَأَحَبُّهَا إِلَيْنَا وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُصَلِّيَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَاحِدَةً وَيُسَلِّمُ انْتَهَى
(ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبَاحَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ فِعْلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ قَلِيلَةً وَلَفْظُ كَانَ لَا يُلَازِمُ مِنْهَا الدَّوَامَ وَلَا التَّكْرَارَ
قَالَ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَا حَدِيثَ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةَ في الصحيحين بأن آخر صلاته فِي اللَّيْلِ كَانَتْ وِتْرًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا فَكَيْفَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدَاوِمُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ رَدِّ رِوَايَةِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ إِذَا صَحَّتْ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا تَعَيَّنَ انْتَهَى مُلَخَّصًا
(وَلَمْ يَقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ) أَيْ كَامِلًا بِتَمَامِهِ (وَكَانَ إِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَوْرَادِ وَأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى (وَاللَّهِ هُوَ الْحَدِيثُ) الَّذِي أُرِيدُهُ (أُكَلِّمُهَا) أَيْ عَائِشَةَ (حَتَّى أُشَافِهَهَا بِهِ) أَيْ بِالْحَدِيثِ (مُشَافَهَةً) أَيْ أَسْمَعُ مِنْهَا مُوَاجَهَةً وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكُ الْكَلَامِ مَعَهَا لِأَجْلِ الْمُنَازَعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيْنَهَا أَوْ لأمر آخر لكن هذا فعل بن عَبَّاسٍ لَيْسَ بِهِ حُجَّةٌ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (مَا حَدَّثْتُكَ) أَيْ لِتَذْهَبَ إِلَيْهَا لِلْحَدِيثِ فَتُكَلِّمَهَا أَوِ الْمُرَادُ أَنَّكَ لَا تُكَلِّمُهَا فَإِنْ عَلِمْتُ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا أَيْضًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute