خَرَجَ (فِي قَلْبِي نُورًا) قِيلَ هُوَ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الشَّيْءُ وَيَظْهَرُ
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ التَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ نُورًا عَظِيمًا وَقَدَّمَ الْقَلْبَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَلِكِ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الْأَنْوَارُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نُورًا يَسْتَضِيءُ بِهِ مِنْ ظُلُمَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ هُوَ وَمَنْ يَتْبَعُهُ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ
قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْعِلْمِ وَالْهِدَايَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فهو على نور من ربه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ لَا مَنْعَ ثُمَّ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّ النُّورَ يُظْهِرُ مَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ فَنُورُ السَّمْعِ مُظْهِرٌ لِلْمَسْمُوعَاتِ وَنُورُ الْبَصَرِ كَاشِفٌ لِلْمُبْصِرَاتِ وَنُورُ الْقَلْبِ كَاشِفٌ عَنِ الْمَعْلُومَاتِ وَنُورُ الْجَوَارِحِ مَا يَبْدُو عَلَيْهَا مِنْ أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ
قَالَ النَّوَوِيُّ سَأَلَ النُّورَ فِي أَعْضَائِهِ وَجِهَاتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ الْحَقِّ وَضِيَاؤُهُ وَالْهِدَايَةُ إِلَيْهِ فَسَأَلَ النُّورَ فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَجِسْمِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ وَحَالَاتِهِ وَجُمْلَتِهِ فِي جِهَاتِهِ السِّتِّ حَتَّى لَا يَزِيغَ شَيْءٌ مِنْهَا انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ من حديث كريب عن بن عَبَّاسٍ وَسَيَأْتِي
[١٣٥٤] (قَالَ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا) وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَهْبَ بْنَ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الطَّحَّانِ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا بِحَذْفِ اللَّهُمَّ وَمَا قَالَ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَأَمَّا هُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ كِلَاهُمَا عَنْ حُصَيْنٍ فَبِلَفْظِ أَعْظِمْ لِي نُورًا وَإِثْبَاتِ اللَّهُمَّ
وَأَمَّا أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَبِيبٍ وَكَذَا سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي رِشْدِينَ فَقَالَا كَمَا رَوَاهُ وَهْبٌ أَيْ بِلَفْظِ أَعْظِمْ لِي نُورًا وَبِحَذْفِ اللَّهُمَّ
وَحَدِيثُ أَبِي رِشْدِينَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute