الْقِرَاءَةُ وَالتَّرَقِّي فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَهُمْ كَالتَّسْبِيحِ لِلْمَلَائِكَةِ لَا تَشْغَلُهُمْ مِنْ مُسْتَلَذَّاتِهِمْ بَلْ هِيَ أَعْظَمُهَا انْتَهَى
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ مَنْ عَمِلَ بِالْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ يَقْرَؤُهُ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِالْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهُ وَإِنْ قَرَأَهُ دَائِمًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ فَمُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ وَالْحِفْظِ لَا يُعْتَبَرُ اعْتِبَارًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَرَاتِبُ الْعَلِيَّةُ فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[١٤٦٥] (كَانَ يَمُدُّ مَدًّا) الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَمُدُّ مَا كَانَ فِي كَلَامِهِ مِنْ حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَبِالشَّرْطِ الْمَعْلُومِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْوُقُوفِ
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَتْ مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُدُّ قِرَاءَتَهُ فِي الْبَسْمَلَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِاسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ كَوْنَ قِرَاءَتِهِ كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا أَنَسٌ تَسْتَلْزِمُ سَمَاعَ أَنَسٍ لَهَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا سُمِعَ مَجْهُورٌ بِهِ وَلَمْ يَقْصِرْ أَنَسٌ هَذِهِ الصِّفَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ مُطْلَقِ قِرَاءَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
[١٤٦٦] (عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ) بِمِيمَيْنِ عَلَى وَزْنِ جَعْفَرٍ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (وَصَلَاتُهُ) أَيْ فِي اللَّيْلِ (فَقَالَتْ وَمَا لَكُمْ وَصَلَاتَهُ) مَعْنَاهُ أَيُّ شَيْءٍ يَحْصُلُ لَكُمْ مَعَ وَصْفِ قِرَاءَتِهِ وَأَنْتُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا مِثْلَهُ فَفِيهِ نَوْعُ تَعَجُّبٍ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيقُ (كَانَ يُصَلِّي وَيَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى إِلَخْ) أَيْ كَانَ صَلَاتُهُ فِي أَوْقَاتٍ ثَلَاثٍ إِلَى الصُّبْحِ أَوْ كَانَ يَسْتَمِرُّ حَالُهُ هَذَا مِنَ الْقِيَامِ وَالنِّيَامِ إِلَى أَنْ يُصْبِحَ (وَنَعَتَتْ) أَيْ وَصَفَتْ (حَرْفًا حَرْفًا) أَيْ مُرَتَّلَةً وَمُجَوَّدَةً مُمَيَّزَةً غَيْرَ مُخَالِطَةٍ بَلْ كَانَ يَقْرَأُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَدُّ حُرُوفِ ما يقرأ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute