ما قاله بن الْأَنْبَارِيِّ لَقِيلَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِسَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَإِنَّمَا قِيلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ كَأَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مِنَ الشَّرْطِ أَوْ عَلَى هَذَا مِنَ الرُّخْصَةِ وَالتَّوْسِعَةِ وَذَلِكَ لِتَسْهِيلِ قِرَاءَتِهِ عَلَى النَّاسِ
وَلَوْ أَخَذُوا بِأَنْ يَقْرَؤُوهُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٌ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَلَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الزَّهَادَةِ فِيهِ وَسَبَبًا لِلْفُتُورِ عَنْهُ
وَقِيلَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّوْسِعَةُ لَيْسَ حَصْرُ الْعَدَدِ انْتَهَى
وَقَالَ السِّنْدِيُّ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ أَيْ عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ مَشْهُورَةٍ بِالْفَصَاحَةِ وَكَانَ ذَاكَ رُخْصَةً أَوَّلًا تَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ ثُمَّ جَمَعَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ خَافَ الِاخْتِلَافَ عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنِ وَتَكْذِيبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَى لُغَةِ قُرَيْشٍ الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا أَوَّلًا انْتَهَى
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّ هَذَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُدْرَى تَأْوِيلُهُ وَفِيهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا أَوْرَدْتُهَا فِي الْإِتْقَانِ
انْتَهَى
قُلْتُ سَبْعُ اللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ هِيَ لُغَةُ الْحِجَازِ والهذيل والهوازن واليمن والطي وَالثَّقِيفِ وَبَنِي تَمِيمٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[١٤٧٦] (هَذِهِ الْأَحْرُفُ) أَيِ الْقِرَاءَةُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ (فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ) مِنَ الْإِبَاحَةِ وَالْحَلَالِ أَوِ النَّهْيِ وَالْحَرَامِ (لَيْسَ يَخْتَلِفُ) حُكْمُهُ (فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنِ اخْتِلَافِ الْقِرَاءَةِ لَا يُبْدِلُ الْمَعْنَى فَلَا يَصِيرُ حُكْمُ وَاحِدٍ مِنْ بَعْضِ الْقِرَاءَةِ حَلَالًا وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِعَيْنِهِ مِنْ قِرَاءَةٍ أُخْرَى حَرَامًا مَثَلًا بَلْ يَبْقَى حُكْمٌ وَاحِدٌ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِرَاءَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١٤٧٧] (أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَمَّ (فَقِيلَ لِي) الْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى على لسان الملائكة أتقرأ يامحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى حَرْفٍ) وَاحِدٍ (أَوْ) لِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَوْ تَقْرَأُ عَلَى (حَرْفَيْنِ) تسهيلا للأمة (قل) يامحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَقْرَأُ (عَلَى حَرْفَيْنِ قُلْتُ عَلَى حَرْفَيْنِ) أَيْ أَقْرَأُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute