بِالتَّكْبِيرِ أَوْ لَا تَذْكُرُونَ (أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا) الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكُمْ إِلَى الْجَهْرِ الْبَلِيغِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ كَثِيرًا فَإِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ رِكَابِكُمْ) بَلْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَهُوَ بِحَسَبِ مُنَاسَبَةِ الْمَقَامِ تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ إِلَى فَهْمِ اللَّبِيبِ وَالْمَعْنَى قُرْبُ التَّقْرِيبِ وَكِنَايَةٌ عَنْ كَمَالِ قُرْبِهِ إِلَى الْعَبْدِ (عَلَى كَنْزٍ) أَيْ عَظِيمٍ (مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) سَمَّى هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْآتِيَةَ كَنْزًا لِأَنَّهَا كالكنز في نفاسته وصيانيه مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ أَوْ أَنَّهَا مِنْ ذَخَائِرِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ مُحَصِّلَاتِ نَفَائِسِ الْجَنَّةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهَا يُحَصِّلُ ثَوَابًا نَفِيسًا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ فِي الْجَنَّةِ (قَالَ لَا حَوْلَ) أَيْ لَا حَرَكَةَ فِي الظَّاهِرِ (وَلَا قُوَّةَ) أَيْ لَا اسْتِطَاعَةَ فِي الْبَاطِنِ (إِلَّا بِاللَّهِ) أَوْ لَا تَحْوِيلَ عَنْ شَيْءٍ وَلَا قُوَّةَ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَقُوَّتِهِ
وَقِيلَ الْحَوْلُ الْحِيلَةُ إِذْ لَا دَفْعَ وَلَا مَنْعَ إِلَّا بِاللَّهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةٌ فِي جَلْبِ خَيْرٍ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللَّهِ تعالى انتهى
قال القارىء والأحسن ما ورد فيه عن بن مَسْعُودٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُهَا فَقَالَ تَدْرِي مَا تَفْسِيرُهَا قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ
وَلَعَلَّ تَخْصِيصَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهُمَا أَمْرَانِ مُهِمَّانِ فِي الدِّينِ
[١٥٢٧] (وَهُمْ يَتَصَعَّدُونَ فِي ثَنِيَّةٍ) هُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ (يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ) اسْمُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
[١٥٢٨] (ارْبَعُوا) بِفَتْحِ الْبَاءِ (عَلَى أَنْفُسِكُمْ) أَيِ ارْفُقُوا بِهَا وَأَمْسِكُوا عَنِ الْجَهْرِ الَّذِي يَضُرُّكُمْ ذَكَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute