للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي التَّاءِ أَبَدًا

وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِمْتَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِوَزْنِ أُمِرْتَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرَمَتِ الْإِبِلُ تَأْرَمُ إِذَا تَنَاوَلَتِ الْعَلَفَ وَقَلَعَتْهُ مِنَ الْأَرْضِ

(قُلْتُ) أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ رَمَّ الْمَيِّتُ وَأَرَمَ إِذَا بَلِيَ وَالرِّمَّةُ الْعَظْمُ الْبَالِي وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْ أُرَمِّمُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ أَرَمَمْتَ وَأَرْمَمْتَ بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ وَكَذَلِكَ كُلُّ فِعْلٍ مُضَعَّفٍ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِيهِ التَّضْعِيفُ مَعَهُمَا تَقُولُ فِي شَدَّدَ شَدَدْتُ وَفِي أَعَدَّ أَعْدَدْتُ وَإِنَّمَا ظَهَرَ التَّضْعِيفُ لِأَنَّ تَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ مُتَحَرِّكَةٌ وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَهُمَا إِلَّا سَاكِنًا فَإِذَا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذَا الْحَدِيث فَرِيقَانِ فَرِيق فِي لَفْظه وَفَرِيق فِي تَضْعِيفه فَأَمَّا الْفَرِيق الْأَوَّل فَقَالُوا اللَّفْظ بِهِ أَرَمَّتْ بِفَتْحِ الرَّاء وَتَشْدِيد الْمِيم وَفَتْحهَا وَفَتْح التَّاء قَالُوا وَأَصْله أَرْمَمْت أَيْ صِرْت رَمِيمًا فَنَقَلُوا حَرَكَة الْمِيم إِلَى الرَّاء قَبْلهَا ثُمَّ أَدْغَمُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَأَبْقَوْا تَاء الْخِطَاب عَلَى حَالهَا فَصَارَ أَرَمَّتْ وَهَذَا غَلَط إِنَّمَا يَجُوز إِدْغَام مِثْل هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ آخِر الْفِعْل مُلْتَزِم السُّكُون لِاتِّصَالِ ضَمِير الْمُتَكَلِّم وَالْمُخَاطَب وَنُون النِّسْوَة بِهِ كَقَوْلِك أَرَمَّ وَأَرَمَّا وَأَرَمُّوا وَأَمَّا إِذَا اِتَّصَلَ بِهِ ضَمِير يُوجِب سُكُونه لَمْ يَجُزْ الْإِدْغَام لِإِفْضَائِهِ إِلَى اِلْتِقَاء السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْر أَحَدهمَا أَوْ إِلَى تَحْرِيك آخِره وَقَدْ اِتَّصَلَ بِهِ مَا يُوجِب سُكُونه

وَلِهَذَا لَا نَقُول أَمَّدَتْ وَأُمِدْت وَأَمَّدْنَ فِي أَمْدَدْت وَأَمْدَدْت وَأَمْدَدْنَ لِمَا ذُكِرَ وَهَؤُلَاءِ لَمَّا رَأَوْا الْفِعْل يُدْغَم إِذَا لَمْ يَكُنْ آخِره سَاكِنًا نَحْو أَرَمَّ ظَنُّوا أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي أَرْمَمْت وَغَفَلُوا عَنْ الْفَرْق

وَالصَّوَاب فِيهِ أَرَمَتْ بِوَزْنِ ضَرَبَتْ فَحَذَفُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ تَخْفِيفًا وَهِيَ لُغَة فَصَيْحَة مَشْهُورَة جَاءَ بِهَا الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى {ظَلْت عَلَيْهِ عَاكِفًا} وَقَوْله {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} وَأَصْله ظَلِلْت عَلَيْهِ وَظَلِلْتُمْ تَفَكَّهُونَ وَنَظَائِره كَثِيرَة

وَأَمَّا الْفَرِيق الثَّانِي الَّذِينَ ضَعَّفُوهُ فَقَالُوا هَذَا الْحَدِيث مَعْرُوف بِحُسَيْنِ بْن عَلِيّ الْجُعْفِيِّ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر عَنْ أَبِي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْس بْن أَوْس قَالُوا وَمَنْ نَظَرَ ظَاهِر هَذَا الْإِسْنَاد لَمْ يَرْتَبْ فِي صِحَّته لِثِقَةِ رُوَاته وَشُهْرَتهمْ وَقَبُول الْأَئِمَّة أَحَادِيثهمْ وَاحْتِجَاجهمْ بِهَا وَحَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث عَنْ حُسَيْن الْجُعْفِيِّ جَمَاعَة مِنْ النُّبَلَاء قَالُوا وَعِلَّته أَنَّ حُسَيْن بْن عَلِيّ الْجُعْفِيَّ لَمْ يَسْمَع مِنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن تَمِيم وَعَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن تَمِيم لَا يُحْتَجّ بِهِ فَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ حُسَيْن الْجُعْفِيُّ غَلِطَ فِي اسم الجد فقال بن جَابِر وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْحُفَّاظ وَنَبَّهُوا عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>