الصَّحَّاحِ الْعَيْشُ الْحَيَاةُ وَقَدْ عَاشَ الرَّجُلُ مَعَاشًا وَمَعِيشًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَأَنْ يَكُونَ اسْمًا مِثْلُ مَعَابٌ وَمَعِيبٌ
ولفظ الطبراني في الأوسط من حديث بن مَسْعُودٍ فِي دِينِي وَفِي دُنْيَايَ وَعِنْدَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي (وَمَعَادِي) أَيْ مَا يَعُودُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ إِمَّا مَصْدَرٌ أَوْ ظَرْفٌ (وَعَاقِبَةِ أَمْرِي) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينِي (فَاقْدُرْهُ) بِضَمِّ الدَّالِ وَبِكَسْرٍ (لِي) أَيِ اجْعَلْهُ مَقْدُورًا لِي أَوْ هَيِّئْهُ وَأَنْجِزْهُ لِي
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْقَدْرُ عِبَارَةٌ عَمَّا قَضَاهُ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَهُوَ مَصْدَرُ قَدَرَ يَقْدِرُ قَدْرًا وَقَدْ تُسَكَّنُ دَالُهُ وَمِنْهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي تُقَدَّرُ فِيهَا الْأَرْزَاقُ وَتُقْضَى وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِخَارَةِ فَاقْدُرْهُ لِي قَالَ مَيْرَكُ رُوِيَ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَمَعْنَاهُ أَدْخِلْهُ تَحْتَ قُدْرَتِي وَيَكُونُ قَوْلُهُ (وَيَسِّرْهُ لِي) طَلَبَ التَّيْسِيرِ بَعْدَ التَّقْرِيرِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنَ التَّقْدِيرِ التَّيْسِيرُ فَيَكُونُ وَيَسِّرْهُ عُطِفَتْ تَفْسِيرِيًّا (وَبَارِكْ لِي فِيهِ) أَيْ أَكْثِرِ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ فِيمَا أَقَدَرْتَنِي عَلَيْهِ وَيَسَّرْتَهُ لِي (مِثْلَ الْأَوَّلِ) أَيْ يَقُولُ مَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَمَعَادِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي (فَاصْرِفْنِي عَنْهُ) أَيِ اصْرِفْ خَاطِرِي عَنْهُ حَتَّى لَا يَكُونَ سَبَبَ اشْتِغَالِ الْبَالِ (وَاصْرِفْهُ عَنِّي) أَيْ لَا تُقَدِّرْنِي عَلَيْهِ (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ) أَيْ يَسِّرْهُ عَلَيَّ وَاجْعَلْهُ مَقْدُورًا لِفِعْلِي (حَيْثُ كَانَ) أَيِ الْخَيْرُ مِنْ زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ حَيْثُ كُنْتُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ خَيْرًا فَوَفِّقْنِي لِلْخَيْرِ حَيْثُ كَانَ وَفِي رِوَايَةِ بن حِبَّانَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ خَيْرًا لِي فَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كَانَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْنَمَا كَانَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (ثُمَّ رَضِّنِي) مِنَ التَّرْضِيَةِ وَهُوَ جَعْلُ الشَّخْصِ رَاضِيًا وَأُرْضِيتُ وَرُضِّيتُ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنًى (بِهِ) أَيْ بِالْخَيْرِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِقَضَائِكَ قال بن الْمَلَكِ أَيِ اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِخَيْرِكَ الْمَقْدُورِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَدَّرَ لَهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ فَرَآهُ شَرًّا (أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي دِينِي إِلَخْ
وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي مِفْتَاحِ الْحِصْنِ أَوْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنْتَ مُخَيَّرٌ إِنْ شِئْتَ قُلْتَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ أَوْ قُلْتَ مَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي قَالَ الطِّيبِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقَوْمُ حَيْثُ قَالُوا هِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ خَيْرٌ فِي دِينِهِ دُونَ دُنْيَاهُ وَخَيْرٌ فِي دُنْيَاهُ فَقَطْ وَخَيْرٌ فِي الْعَاجِلِ دُونَ الْآجِلِ وَبِالْعَكْسِ وَهُوَ أَوْلَى وَالْجَمْعُ أَفْضَلُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ بَدَلُ الْأَلْفَاظِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute