للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمَمَاتِ) تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ وَكَرَّرَ أَعُوذُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ إِظْهَارًا لِعِظَمِ مَوْقِعِهَا وَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ بإعاذة مستقلة

قاله القارىء

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ

[١٥٤٣] (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ) أَيْ فِتْنَةٍ تُؤَدِّي إِلَى النَّارِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِفِتْنَةِ النَّارِ سُؤَالُ الْخَزَنَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبِيخِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نذير (وَعَذَابِ النَّارِ) أَيْ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَهُمُ الْكُفَّارُ فَإِنَّهُمْ هُمُ الْمُعَذَّبُونَ وَأَمَّا الْمُوَحِّدُونَ فَإِنَّهُمْ مُؤَدَّبُونَ وَمُهَذَّبُونَ بِالنَّارِ لَا مُعَذَّبُونَ بِهَا (وَمِنْ شَرِّ الْغِنَى) وَهُوَ الْبَطَرُ وَالطُّغْيَانُ وَتَحْصِيلُ الْمَالِ مِنَ الْحَرَامِ وَصَرْفُهُ فِي الْعِصْيَانِ وَالتَّفَاخُرُ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ (وَالْفَقْرِ) هُوَ الْحَسَدُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَالطَّمَعُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَالتَّذَلُّلُ بِمَا يُدَنِّسُ الْعِرْضَ وَيَثْلِمُ الدِّينَ وَعَدَمُ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ

وَقِيلَ الْفِتْنَةُ هُنَا الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ أَيْ مِنْ بَلَاءِ الْغِنَى وَبَلَاءِ الْفَقْرِ أَيْ مِنَ الْغِنَى وَالْفَقْرِ الَّذِي يَكُونُ بَلَاءً وَمَشَقَّةً ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ أَتَمَّ مِنْهُ

[١٥٤٤] (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ) أَيْ مِنْ قَلْبٍ حَرِيصٍ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ أَوْ مِنَ الَّذِي يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ فِي الْمَالِ وَنِسْيَانِ ذِكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُتَعَالِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَرَادَ فَقْرَ النَّفْسِ أَعْنِي الشَّرَهَ الَّذِي يُقَابِلُ غِنَى النَّفْسِ الَّذِي هُوَ قَنَاعَتُهَا (وَالْقِلَّةِ) الْقِلَّةِ فِي أَبْوَابِ البر وخصال الخير لأنه عليه الصلاة والسلام كَانَ يُؤْثِرُ الْإِقْلَالَ فِي الدُّنْيَا وَيَكْرَهُ الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الْأَعْرَاضِ الْفَانِيَةِ (وَالذِّلَّةِ) أَيْ مِنْ أَنْ أَكُونَ ذَلِيلًا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَسْتَخِفُّونَهُ وَيُحَقِّرُونَ شَأْنَهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الذِّلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ أَوِ التَّذَلُّلُ لِلْأَغْنِيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَسْكَنَةِ وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَدْعِيَةِ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ

قَالَ الطِّيبِيُّ أَصْلُ الْفَقْرِ كَسْرُ فَقَارِ الظَّهْرِ وَالْفَقْرُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ وُجُودُ الْحَالَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَذَلِكَ عَامٌّ لِلْإِنْسَانِ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا بَلْ عَامٌّ فِي الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا وعليه قوله تعالى ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله وَالثَّانِي عَدَمُ الْمُقْتَنَيَاتِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وإنما الصدقات

<<  <  ج: ص:  >  >>