[١٥٤٨] (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَرْبَعِ) وَهُوَ إِجْمَالٌ وَتَفْصِيلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي (مِنْ عِلْمٍ لَا ينفع ومن قلب لايخشع إِلَخْ) أَيْ لَا يُسْتَجَابُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ يُقَالُ اسْمَعْ دُعَائِي أَيْ أَجِبْ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ السَّمَاعِ هُوَ الْإِجَابَةُ وَالْقَبُولُ قَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ قَدِ اسْتَعَاذَ مِنْ نَوْعٍ مِنَ الْعُلُومِ كَمَا اسْتَعَاذَ مِنَ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَالْعِلْمِ الَّذِي لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ التَّقْوَى فَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الدُّنْيَا وَنَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْهَوَى وَقَالَ الطِّيبِيُّ اعْلَمْ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنَ الْقَرَائِنِ الْأَرْبَعِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ وُجُودَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى غَايَتِهِ وَأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تِلْكَ الْغَايَةُ وَذَلِكَ أَنَّ تَحْصِيلَ الْعُلُومِ إِنَّمَا هُوَ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ لَمْ يَخْلُصْ مِنْهُ كَفَافًا بَلْ يَكُونُ وَبَالًا وَلِذَلِكَ اسْتَعَاذَ
وَإِنَّ الْقَلْبَ إِنَّمَا خُلِقَ لِأَنْ يَتَخَشَّعَ لِبَارِئِهِ وَيَنْشَرِحَ لِذَلِكَ الصَّدْرُ وَيُقْذَفَ النُّورُ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ قَاسِيًا فَيَجِبُ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ قَالَ تَعَالَى فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الله وَإِنَّ النَّفْسَ يُعْتَدُّ بِهَا إِذَا تَجَافَتْ عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَأَنَابَتْ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَهِيَ إِذَا كَانَتْ مَنْهُومَةً لَا تَشْبَعُ حَرِيصَةً عَلَى الدُّنْيَا كَانَتْ أَعْدَى عَدُوِّ الْمَرْءِ فَأَوْلَى الشَّيْءِ الَّذِي يُسْتَعَاذُ مِنْهُ هِيَ أَيِ النَّفْسُ
وَعَدَمُ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدَّاعِيَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ وَلَمْ يَخْشَعْ قَلْبُهُ وَلَمْ تشبع نفسه ذكره علي القارىء قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أرقم عن رسول الله بِنَحْوِهِ أَتَمَّ مِنْهُ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رسول الله وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[١٥٤٩] (قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْمُعْتَمِرِ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ وَالِدُ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ مِمَّنِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِسَمَاعِهِ عَنْ أَنَسِ بن مالك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute