وَمُخَالَفَةُ السُّلْطَانِ تُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَةِ وَهُوَ كَلَامُ الْمُظْهِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَمَّ الْحُكْمَ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ العلة لو كانت هِيَ الْمُخَالَفَةُ لَجَازَ الْكِتْمَانُ لَكِنَّهُ لَمْ يَجُزْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَفَنَكْتُمُ مِنْ أَمْوَالِنَا بِقَدْرِ مَا يَعْتَدُونَ قَالَ لَا (فَإِنْ عَدَلُوا) أَيْ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ (فَلِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ فَلَهُمُ الثَّوَابُ (وَإِنْ ظَلَمُوا) بِأَخْذِ الزَّكَاةِ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْكُمْ أَوْ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَبَ (فَعَلَيْهَا) أَيْ فَعَلَى أَنْفُسِهِمْ إِثْمُ ذَلِكَ الظُّلْمِ وَعَلَيْكُمُ الثَّوَابُ بِتَحَمُّلِ ظُلْمِهِمْ (وَأَرْضُوهُمْ) أَيِ اجْتَهَدُوا وَبَالِغُوا فِي إِرْضَائِهِمْ بِأَنْ تُعْطُوهُمُ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ مَطْلٍ ومكث وَلَا غِشٍّ وَلَا خِيَانَةٍ (فَإِنَّ تَمَامَ زَكَاتِكُمْ) أَيْ كَمَالَهَا كَمَا وَجَبَ (رِضَاهُمْ) بِالْقَصْرِ وَقَدْ يُمَدُّ أَيْ حُصُولُ رِضَائِهِمْ مَا أَمْكَنَ (وَلْيَدْعُوا) بِسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا (لَكُمْ) هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ لِقَابِضِ الزَّكَاةِ سَاعِيًا أَوْ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَدْعُوا لِلْمُزَكِّي
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ مَفْتُوحَةً لِلتَّعْلِيلِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَرْضُوهُمْ لِتَتِمَّ زَكَاتُكُمْ وَلْيَدْعُوا
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الِاسْتِرْضَاءَ سَبَبٌ لِحُصُولِ الدُّعَاءِ وَوُصُولِ الْقَبُولِ
قَالَ الطِّيبِيُّ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ عُمَّالٌ يَطْلُبُونَ مِنْكُمْ زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ وَالنَّفْسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْمَالِ فَتُبْغِضُونَهُمْ وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ظَالِمُونَ وَلَيْسُوا بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَدَلُوا وَظَلَمُوا مَبْنِيٌّ على هذا الزعم ولو كانوا ظَالِمِينَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْوَاقِعِ كَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ وَيَدْعُوا لَكُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو الْغُصْنِ وَهُوَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ الْغِفَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَقِيلَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثِقَةٌ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِذَاكَ صَالِحٌ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي الرُّوَاةِ خَمْسَةٌ كُلٌّ مِنْهُمُ اسْمُهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لَا نَعْرِفُ فِيهِمْ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ غَيْرُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
[١٥٨٩] (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ) أَيْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ كِلَاهُمَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَفِي الرُّوَاة خَمْسَة كُلّ مِنْهُمْ اِسْمه ثَابِت بْن قَيْس لَا نَعْرِف فِيهِمْ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْره