النُّسَخِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ إِلَى مُعَاوِيَةَ [١٢٥] (قَالَ) مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ فِي حَدِيثِهِ (فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَيْ تَوَضَّأَ مُعَاوِيَةُ لِلنَّاسِ كَمَا رأى رسول الله يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لِكُلِّ عُضْوٍ (وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بِغَيْرِ عَدَدٍ) وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ بَلْ بِالْإِنْقَاءِ وَإِزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنَ الْأَوْسَاخِ
وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أن رسول الله غَسَلَهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَيُحْمَلُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يحسب الراوي الرائي كونها ثلاثة
وإن سلمنا أنه غَسَلَهُمَا بِغَيْرِ عَدَدٍ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا سُنَّةً وَمُتَقَيِّدًا بِثَلَاثٍ
[١٢٦] (عَنِ الرُّبَيِّعِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ (بِنْتِ مُعَوِّذٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ (فحدثتنا) أي الربيع (أنه) أي النبي (قَالَ اسْكُبِي) بِضَمِّ الْكَافِ مِنْ نَصَرَ يَنْصُرُ أَمْرٌ مِنَ السَّكْبِ أَيْ صُبِّي يُقَالُ سَكَبَ الْمَاءَ سَكْبًا وَسُكُوبًا فَانْصَبَّ وَسَكَبَهُ غَيْرُهُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى (فَذَكَرَتْ) أَيِ الرُّبَيِّعُ (وَوَضَّأَ وَجْهَهُ) بِتَشْدِيدِ الضَّادِ أَيْ غَسَلَ (مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً) لِبَيَانِ الْجَوَازِ (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ) بَيَانٌ لِمَرَّتَيْنِ فَلَيْسَتَا مَسْحَتَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَمْ تَقُلْ وَيَبْدَأُ بِالْوَاوِ ثُمَّ بَدْؤُهُ بِالْمُؤَخَّرِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ
قَالَ السُّيُوطِيُّ احْتَجَّ بِهِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ بِمُؤَخَّرِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ ذَهَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى هَذَا الحديث منهم وكيع بن الجراح
وأجاب بن الْعَرَبِيِّ عَنْهُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّهُ تَحْرِيفٌ مِنَ الرَّاوِي بِسَبَبِ فَهْمِهِ فَإِنَّهُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ أَنَّهُ يَقْتَضِي الِابْتِدَاءَ بِمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ فَصَرَّحَ بِمَا فَهِمَ مِنْهُ وَهُوَ يخطىء فِي فَهْمِهِ
وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ وَهُوَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَوْ بِأَنَّهُ فَعَلَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ
انْتَهَى
(وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ) أَيْ هَذَا الَّذِي رَوَيْتُهُ عَنْ مُسَدَّدٍ رَوَيْتُهُ بِالْمَعْنَى وَلَا أَتَحَفَّظُ جُمْلَةَ أَلْفَاظِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute