ذَلِكَ نَدْبٌ لِقَبُولِ هَدِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَصِّصُ وَجْهًا مِنَ الْوُجُوهِ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[١٦٤٨] (مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ (وَالْمَسْأَلَةَ) عَطْفٌ عَلَى الصَّدَقَةِ أَيْ يَذْكُرُ السُّؤَالَ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ بِالْوَاوِ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ مَالِكٍ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَحُضُّ الْغَنِيَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْفَقِيرَ عَلَى التَّعَفُّفِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ أو يحضه على التعفف ويدم الْمَسْأَلَةَ (الْيَدُ الْعُلْيَا) أَيِ الْمُنْفِقَةُ أَوِ الْمُتَعَفِّفَةُ أَوِ الْعَطِيَّةُ الْجَزِيلَةُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ وَالْأَوْلَى مَا فَسَّرَ الْحَدِيثَ بِالْحَدِيثِ (خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) أَيِ السَّائِلِ أَوِ الْعَطِيَّةِ الْقَلِيلَةِ
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي وَأَمَّا يَدُ الْآدَمِيِّ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ يَدُ الْمُعْطِي وَقَدْ تَضَافَرَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّهَا عُلْيَا ثَانِيهَا يَدُ السَّائِلِ وَقَدْ تَضَافَرَتْ بِأَنَّهَا سُفْلَى سَوَاءً أَخَذَتْ أَمْ لَا وَهَذَا مُوَافِقٌ لِكَيْفِيَّةِ الْإِعْطَاءِ وَالْأَخْذِ غَالِبًا وَلِلْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُمَا ثَالِثُهَا يَدُ الْمُتَعَفِّفِ عَنِ الْأَخْذِ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ تُمَدَّ إِلَيْهِ يَدُ الْمُعْطِي مَثَلًا وَهَذِهِ تُوصَفُ بِكَوْنِهَا عُلْيَا عُلُوًّا مَعْنَوِيًّا رَابِعُهَا الْآخِذُ بِغَيْرِ سُؤَالِ وَهَذِهِ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى أَنَّهَا سُفْلَى وَهَذَا بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَمْرِ الْمَحْسُوسِ وَأَمَّا الْمَعْنَوِيُّ فَلَا يَطَّرِدُ فَقَدْ تَكُونُ عُلْيَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ
انْتَهَى مُخْتَصَرًا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ الْمُتَعَفِّفَةُ أَشْبَهُ وَأَصَحُّ فِي الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ مِنْهَا فَعَطْفُ الْكَلَامِ عَلَى سُنَنِهِ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يُطَابِقُهُ فِي مَعْنَاهُ أَوْلَى
وَقَدْ يَتَوَهَّمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ مَعْنَى الْعُلْيَا هُوَ أَنَّ يَدَ الْمُعْطِي مُسْتَعْلِيَةٌ فَوْقَ يَدِ الْآخِذِ يَجْعَلُونَهُ مِنْ عَلَوْتُ الشَّيْءَ إِلَى فَوْقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِالْوَجْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عَلَى الْمَجْدُ وَالْكَرْمُ يُرِيدُ بِهِ التَّرَفُّعَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَالتَّعَفُّفَ عَنْهَا انْتَهَى (وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ) مِنَ الْإِنْفَاقِ (اخْتُلِفَ عَلَى أَيُّوبَ) السَّخْتِيَانِيِّ (قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ) عَنْ أَيُّوبَ (الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَةُ) بِالْعَيْنِ وَالْفَاءَيْنِ مِنَ الْعِفَّةِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وتفسير من فسر اليد العليا بالآخذة باطل قطعا من وجوه