للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ غِنًى يَعْتَمِدُهُ وَيَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى النَّوَائِبِ الَّتِي تَنُوبُهُ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَتْ غِنًى وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْتَبْقِيَ لِنَفْسِهِ قُوتًا وَأَنْ لَا يَنْخَلِعَ مِنْ مِلْكِهِ أَجْمَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَشِدَّةِ نِزَاعِ النَّفْسِ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَيَنْدَمَ فَيَذْهَبُ مَالُهُ وَيَبْطُلُ أَجْرُهُ وَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خُرُوجَهُ مِنْ مَالِهِ أَجْمَعَ لِمَا عَلِمَهُ مِنْ صِحَّةِ نِيَّتِهِ وَقُوَّةِ يَقِينِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ كَمَا خَافَهَا عَلَى الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الذَّهَبَ انْتَهَى كَلَامُهُ

وَقَالَ السِّنْدِيُّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى أَيْ مَا يَبْقَى خَلَفَهَا غِنًى لِصَاحِبِهِ قَلْبِيٌّ كَمَا كَانَ لِلصِّدِّيقِ أَوْ قَالَبِيٌّ فَيَصِيرُ الْغِنَى لِلصَّدَقَةِ كَالظَّهْرِ لِلْإِنْسَانِ وَرَاءَ الْإِنْسَانِ فَإِضَافَةُ الظَّهْرِ إِلَى الْغِنَى بَيَانِيَّةٌ لِبَيَانِ أَنَّ الصَّدَقَةَ إِذَا كَانَتْ بِحَيْثُ يَبْقَى لِصَاحِبِهَا الْغِنَى بَعْدَهَا إِمَّا لِقُوَّةِ قَلْبِهِ أَوْ لِوُجُودِ شَيْءٍ بَعْدَهَا يُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا تَصَدَّقَ فَهُوَ أَحْسَنُ وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ صَاحِبُهَا بَعْدَهَا إِلَى مَا أَعْطَى وَيُضْطَرُّ إِلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِهَا التَّصَدُّقُ بِهِ انْتَهَى

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مَا كَانَ عَفْوًا قَدْ فَضَلَ عَنْ غِنًى وَقِيلَ أَرَادَ مَا فَضَلَ عَنِ العِيَالِ وَالظَّهْرُ قَدْ يُزَادُ فِي مِثْلِ هَذَا إِشْبَاعًا لِلْكَلَامِ

وَتَمْكِينًا كَأَنَّ صَدَقَتَهُ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى ظَهْرٍ قَوِيٍّ مِنَ الْمَالِ انْتَهَى

[١٦٧٥] (فَصَاحَ بِهِ) أَيْ زَجَرَهُ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال صلي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَةَ الثَّانِيَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ صلي ركعتين ثم جاء الجمعة الثالثة فقال صلي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ تَصَدَّقُوا فَتَصَدَّقُوا فَأَعْطَاهُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ تَصَدَّقُوا فَطَرَحَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى هَذَا إِنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَرَجَوْتُ أَنْ تَفْطِنُوا لَهُ فَتَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ تَفْعَلُوا فَقُلْتُ تَصَدَّقُوا فَتَصَدَّقْتُمْ فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ قُلْتُ تَصَدَّقُوا فَطَرَحَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ خُذْ ثوبك وانتهزه

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَتَمَّ مِنْهُ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِقِصَّةِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الثَّوْبَيْنِ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>