للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٦٩٣] (أَنْ يُبْسَطَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوَسَّعَ (فِي رِزْقِهِ) أَيْ فِي دُنْيَاهُ (وَيُنْسَأَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ فَنَصْبٍ فَهَمْزَةٍ أَيْ يُؤَخَّرَ لَهُ (فِي أَثَرِهِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ أَجَلِهِ (فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَى صِلَةِ الرَّحِمِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ

قَالَ بن الْأَثِيرِ النَّسَاءُ التَّأْخِيرُ يُقَالُ نَسَأْتُ الشَّيْءَ أَنْسَأُ وَأَنْسَأْتُهُ إِنْسَاءً إِذَا أَخَّرْتُهُ وَالنَّسَاءُ الِاسْمُ وَيَكُونُ فِي الْعُمُرِ وَالدَّيْنِ وَالْأَثَرِ وَالْأَجَلِ انْتَهَى

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُؤَخَّرَ فِي أَجَلِهِ يُقَالُ لِرَجُلٍ نَسَأَ الله في عمرك وأنسأ عمرك والأثر ها هنا آخِرُ الْعُمُرِ

قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ لَا يَنْتَهِي الْعُمُرُ حَتَّى يَنْتَهِي الْأَثَرُ انْتَهَى

وَتَأْخِيرُ الْأَجَلِ بِالصِّلَةِ إِمَّا بِمَعْنَى حُصُولِ الْبَرَكَةِ وَالتَّوْفِيقِ فِي الْعُمْرِ وَعَدَمِ ضَيَاعِ الْعُمُرِ فَكَأَنَّهُ زَادَ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهُ سَبَبٌ لِبَقَاءِ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَهُ وَلَا مَانِعَ أَنَّهَا سَبَبٌ لِزِيَادَةِ الْعُمُرِ كَسَائِرِ أسباب العالم ممن أَرَادَ اللَّهُ زِيَادَةَ عُمُرِهِ وَفَّقَهُ بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ والزيادة إنما هو بِحَسَبِ الظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ وَأَمَّا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ وَهُوَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْحَافِظُ فِي فَتْحِ الباري والعيني في عمدة القارىء وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[١٦٩٤] (أَنَا الرَّحْمَنُ) أَيِ الْمُتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ (وَهِيَ) أَيِ الَّتِي يُؤْمَرُ بِوَصْلِهَا (الرَّحِمُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ (شَقَقْتُ) أَيْ أَخْرَجْتُ وَأَخَذْتُ (لَهَا) أَيْ لِلرَّحِمِ (اسْمًا مِنِ اسْمِي) أَيِ الرَّحْمَنِ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَةَ الِاسْمِيَّةَ وَاجِبَةُ الرِّعَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى على أنها أثر من آثار رحمة الرحمان وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّخَلُّقُ بِأَخْلَاقِ اللَّهِ وَالتَّعَلُّقُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ (مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ) أَيْ إِلَى رَحْمَتِي وَمَحَلِّ كَرَامَتِي

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا بَيَانُ صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالِاشْتِقَاقِ فِي الْأَسْمَاءِ اللُّغَوِيَّةِ وَرَدٌّ عَلَى الَّذِينَ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا مَوْضُوعَةٌ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ فَسَادَ قولهم

وفيه دليل على أن اسم الرحمان عَرَبِيٌّ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّحْمَةِ

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ بِرَأْيِهِ عِبْرَانِيٌّ وَهَذَا يَرُدُّهُ (وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَيْ قَطَعْتُهُ مِنْ رحمتي

<<  <  ج: ص:  >  >>