[١٧١٠] (الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ) الْمُرَادُ بِالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ مَا كَانَ مُعَلَّقًا فِي النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يُجَذَّ وَيُجْرَنَ وَالثَّمَرُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلرَّطْبِ وَالْيَابِسِ مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَغَيْرِهِمَا (مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَخْذَ الْمُحْتَاجُ بِفِيهِ لِسَدِّ فَاقَتِهِ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ (غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ فَنُونٍ وَهُوَ مِعْطَفُ الْإِزَارِ وَطَرْفُ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَأْخُذْ مِنْهُ فِي ثَوْبِهِ يُقَالُ أَخْبَنَ الرَّجُلُ إِذَا خَبَّأَ شَيْئًا فِي خُبْنَةِ ثَوْبِهِ أَوْ سَرَاوِيلِهِ انْتَهَى مَا فِي النِّهَايَةِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْخُبْنَةُ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ فِي ثَوْبِهِ فَيَرْفَعُهُ إِلَى فَوْقِ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا رَفَعَ ذَيْلَهُ فِي الْمَشْيِ قَدْ رَفَعَ خُبْنَتَهُ انْتَهَى (وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ) مِنَ الثَّمَرِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَإِنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يُجَذَّ وَيَأْوِيهِ الْجَرِينُ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْجَذِّ فَعَلَيْهِ الْغَرَامَةُ وَالْعُقُوبَةُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَطْعِ وَإِيوَاءِ الْجَرِينِ لَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ مَعَ بُلُوغِ الْمَأْخُوذِ لِلنَّصَّابِ لِقَوْلِهِ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْجَرِينَ حِرْزٌ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ إِذْ لَا قَطْعَ إِلَّا مِنْ حِرْزٍ كَذَا فِي السُّبُلِ (فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مثليه) بالتثنية (والعقوبة) بالرفع أي التغرير وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ جَلَدَاتٌ نَكَالٌ
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ فَإِنَّ غَرَامَةَ مِثْلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ وَقَدْ أَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ لَا يُضَاعَفُ الْغَرَامَةُ عَلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا الْعُقُوبَةُ فِي الْأَبَدَانِ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَقَالَ هَذَا مَنْسُوخٌ وَالنَّاسِخُ لَهُ قَضَى رسول الله عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ مَا أَتْلَفَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ أَيْ مَضْمُونٌ عَلَى أَهْلِهَا قَالَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُونَهُ بِالْقِيمَةِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّوَعُّدِ فَيَنْتَهِي فَاعِلُ ذَلِكَ عَنْهُ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا وَاجِبَ عَلَى مُتْلِفِ الشَّيْءِ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلِهِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَقَعُ بَعْضُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الْأَفْعَالِ ثُمَّ نُسِخَ وَإِنَّمَا أُسْقِطَ الْقَطْعُ عَمَّنْ سَرَقَ الثَّمَرَ الْمُعَلَّقَ لِأَنَّ حَوَائِطَ الْمَدِينَةِ ليس عليها حيطان ولبس سُقُوطُهَا عَنْهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا قَطْعَ فِي غَيْرِ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ مَالٌ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ انْتَهَى (الْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ هُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ وَهُوَ لَهُ كَالْبَيْدَرِ لِلْحِنْطَةِ وَيُجْمَعُ عَلَى جُرُنٍ بِضَمَّتَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (ثَمَنَ الْمِجَنِّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مِفْعَلٌ مِنَ الِاجْتِنَانِ وَهُوَ الِاسْتِتَارُ وَالِاخْتِفَاءُ وَكُسِرَتْ مِيمُهُ لِأَنَّهُ آلَةٌ فِي الِاسْتِتَارِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ التُّرْسُ لِأَنَّهُ يُوَارِي حَامِلَهُ أَيْ يَسْتُرُهُ وَالْمِيمُ زَائِدةٌ انْتَهَى
وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ وَهُوَ نِصَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute