عَلَى كَوْنِهَا هَدْيًا وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حنيفة كراهته والأحاديث ترد عليه
وقد خالف النَّاسُ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَاحْتَجَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ مِنَ الْمُثْلَةِ وَأَجَابَ الْخَطَّابِيُّ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مِنْهَا بَلْ هُوَ بَابٌ آخَرُ كَالْكَيِّ وَشَقِّ أُذُنِ الْحَيَوَانِ فَيَصِيرُ عَلَامَةً وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَسْمِ وَكَالْخِتَانِ وَالْحِجَامَةِ كَمَا سَيَجِيءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْمُثْلَةِ لَكَانَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مُخَصِّصًا لَهُ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنْهَا (الدَّمَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا (وَقَلَّدَهَا بِنَعْلَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَبِهِ قَالَ الجمهور
قال بن الْمُنْذِرِ أَنْكَرَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ التَّقْلِيدَ لِلْغَنَمِ زَادَ غَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الْحَدِيثُ وَسَيَجِيءُ (عَلَى الْبَيْدَاءِ) مَحَلٌّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَيْ عَلَتْ فَوْقَ الْبَيْدَاءِ وَصَعِدَتْ (أَهَلَّ) أَيْ لَبَّى (بِالْحَجِّ) وَكَذَا بِالْعُمْرَةِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يَقُولُ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْوَدَاع بَقَرَة وَاحِدَة وَسَيَأْتِي قَوْل عَائِشَة ذَبَحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَقَر يَوْم النَّحْر
وَلَا رَيْب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ بِنِسَائِهِ كُلّهنَّ وَهُنَّ يَوْمئِذٍ تِسْع وَكُلّهنَّ كُنَّ مُتَمَتِّعَات حَتَّى عَائِشَة فَإِنَّهَا قَرَنَتْ فَإِنْ كَانَ الْهَدْي مُتَعَدِّدًا فَلَا إِشْكَال وَإِنْ كَانَ بَقَرَة وَاحِدَة بَيْنهنَّ وَهُنَّ تِسْع فَهَذَا حُجَّة لِإِسْحَاق وَمَنْ قَالَ بقوله إن البدنة تجزىء عَنْ عَشَرَة وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد
وقد ذهب بن حَزْم إِلَى أَنَّ هَذَا الِاشْتِرَاك فِي الْبَقَرَة إِنَّمَا كَانَ بَيْن ثَمَان نِسْوَة قَالَ لِأَنَّ عَائِشَة لَمَّا قَرَنَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا هَدْي
وَاحْتَجَّ بِمَا فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْهَا مِنْ قَوْلهَا فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَة الْحَصْبَة وَقَدْ قَضَى اللَّه حَجّنَا أَرْسَلَ مَعِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر فَأَرْدَفَنِي وَخَرَجَ بِي إِلَى التَّنْعِيم فَأَهْلَلْت بِعُمْرَةٍ فَقَضَى اللَّه حَجّنَا وَعُمْرَتنَا وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْي وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم وَجُعِلَ هَذَا أَصْلًا فِي إِسْقَاط الدَّم عَنْ الْقَارِن وَلَكِنْ هَذِهِ الزِّيَادَة وَهِيَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْي مُدْرَجَة فِي الْحَدِيث مِنْ كَلَام هِشَام بْن عُرْوَة بَيَّنَهُ مُسْلِم فِي الصَّحِيح
قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو كُرَيْب أَنْبَأَنَا وَكِيع حَدَّثَنَا هشام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِي آخِره قَالَ عُرْوَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَضَى اللَّه حَجّهَا وَعُمْرَتهَا قَالَ هشام وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْي وَلَا صِيَام وَلَا صَدَقَة فَجَعَلَ وَكِيع هذا اللفظ من قول هشام وبن نُمَيْر وَعَبَدَة لَمْ يَقُولَا قَالَتْ عَائِشَة بَلْ أَدْرَجَاهُ إِدْرَاجًا وَفَصَّلَهُ وَكِيع وَغَيْره