انْتَهَى كَلَامُهُ (لَيْلَةُ الصَّدَرِ) أَيْ لَيْلَةُ طَوَافِ الصَّدَرِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بِمَعْنَى رُجُوعِ الْمُسَافِرِ مِنْ مَقْصِدِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُهَاجِرِ إِقَامَةُ ثَلَاثٍ بَعْدَ الصَّدَرِ يَعْنِي بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ نُسُكَهُ
قَالَ فِي اللِّسَانِ وَالصَّدَرُ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ لِأَنَّ النَّاسَ يَصْدُرُونَ فِيهِ عَنْ مَكَّةَ إِلَى أَمَاكِنِهِمْ
وَفِي الْمَثَلِ تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ لَيْلَةِ الصَّدَرِ يَعْنِي حِينَ صَدَرَ النَّاسُ مِنْ حَجِّهِمْ (لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ) قَالَ فِي اللِّسَانِ الْبَطْحَاءُ مَسِيلٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْأَبْطَحُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى وَبَطْحَاءُ مَكَّةَ وَأَبْطُحُهَا مَعْرُوفَةٌ وَمِنًى مِنَ الْأَبْطَحِ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى أَنَّ عَائِشَةَ طَهُرَتْ فِي لَيْلَةٍ مِنْ أَيَّامِ نُزُولِ الْبَطْحَاءِ وَهِيَ مِنًى فَكَانَتْ طَهَارَتُهَا فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي أَيَّامِ مِنًى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة صَرِيحَة بِأَنَّهَا أَهَلَّتْ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَمَرَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَاضَتْ أَنْ تُهِلّ بِالْحَجِّ فَصَارَتْ قَارِنَة
وَلِهَذَا قَالَ لَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفِيك طَوَافك بِالْبَيْتِ وَبَيْن الصَّفَّا وَالْمَرْوَة لِحَجِّك وَعُمْرَتك مُتَّفَق عَلَيْهِ وَهُوَ صَرِيح فِي رَدّ قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهَا رَفَضَتْ إِحْرَام الْعُمْرَة رَأْسًا وَانْتَقَلَتْ إِلَى الْإِفْرَاد وَإِنَّمَا أُمِرَتْ بِرَفْضِ أَعْمَال الْعُمْرَة مِنْ الطَّوَاف وَالسَّعْي حَتَّى تَطْهُر لَا بِرَفْضِ إِحْرَامهَا
وَأَمَّا قَوْله وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ هَدْي فَهُوَ مُدْرَج مِنْ كَلَام هِشَام كَمَا بَيَّنَهُ وَكِيع وَغَيْره عَنْهُ حَيْثُ فَصَلَ كَلَام عائشة من كلام هشام وأما بن نُمَيْر وَعَبَدَة فَأَدْرَجَاهُ فِي حَدِيثهمَا وَلَمْ يُمَيِّزَاهُ وَاَلَّذِي مَيَّزَهُ مَعَهُ زِيَادَة عِلْم وَلَمْ يُعَارِض غَيْره فَابْن نُمَيْر وَعَبَدَة لَمْ يَقُولَا قَالَتْ عَائِشَة وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ هَدْي بَلْ أَدْرَجَاهُ وَمَيَّزَهُ غَيْرهمَا
وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهَا أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ ثُمَّ نَوَتْ فَسْخه بِعُمْرَةٍ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى حَجّ مُفْرَد فَهُوَ خِلَاف مَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَنْ نَفْسهَا وَخِلَاف مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا يَسَعك طَوَافك لِحَجِّك وعمرتك والنبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَهَا أَنْ تُهِلّ بِالْحَجِّ لَمَّا حَاضَتْ