. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وأبو قتادة وبن أَبِي أَوْفَى فَهَؤُلَاءِ صَحَّتْ عَنْهُمْ الرِّوَايَة بِغَايَةِ الْبَيَان وَالتَّصْرِيح
وَرَوَاهُ الْهِرْمَاس بْن زِيَاد وَسُرَاقَة بْن مَالِك وَأَبُو طَلْحَة وَأُمّ سَلَمَة لَكِنْ رَوَتْ أُمّ سَلَمَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَهْله بِالْقِرَانِ
وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ لَفْظه فِي إِهْلَاله بِنُسُكِهِ أَنَّهُ قَالَ لَبَّيْكَ حَجًّا وَعُمْرَة كَأَنَسٍ
وَهُوَ مُتَّفَق عَلَى صِحَّته وَكَعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب فَإِنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِهِمَا جَمِيعًا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالنَّسَائِيِّ وَسُنَن أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظ أَصْحَاب الصَّحِيح أَنَّ عَلِيًّا أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَة وَقَالَ مَا كُنْت لِأَدَع سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَد
فَقَدْ أَخْبَرَ عَلِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا وَأَهَلَّ هُوَ بِهِمَا جَمِيعًا وَأَخْبَرَ أَنَّهَا سُنَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَافَقَهُ عُثْمَان عَلَى ذَلِكَ
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ خَبَره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسه بِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا وَهُمْ الْبَرَاء بْن عَازِب فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظه أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ إِنِّي سُقْت الْهَدْي وَقَرَنْت وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَهْل السُّنَن
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّفْظِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ رَبّه وَهُوَ أَنْ يَقُول عُمْرَة فِي حَجَّة كَعُمَر بْن الْخُطَّاب
وَحَمْل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ بِتَعْلِيمِهِ كَلَام فِي غَايَة الْبُطْلَان
وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيَاق الْحَدِيث وَلَفْظه وَمَقْصُوده عَلِمَ بُطْلَان هَذَا التَّأْوِيل الْفَاسِد
وَقَوْلهمْ إِنَّ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة قُلْ عُمْرَة وَحَجَّة وَأَنَّهُ فُصِلَ بَيْنهمَا بِالْوَاوِ
فَهُوَ صَرِيح فِي نَفْس الْقِرَان فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا فِي إِحْرَامه وَامْتَثَلَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر رَبّه وَهُوَ أَحَقّ مَنْ اِمْتَثَلَهُ فَقَالَ لَبَّيْكَ عُمْرَة وَحَجًّا بِالْوَاوِ
وَقَوْلهمْ يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ أَنَّهُ يُحْرِم بِعُمْرَةٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ حَجَّته قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَى مَنْزِله فَعِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ تَقْلِيد يُوقِع فِي مِثْل هَذِهِ الْخَيَالَات الْبَاطِلَة فَمِنْ الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَمِر بَعْد حَجَّته قَطّ هَذَا مَا لَا يَشُكّ فِيهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى إِلْمَام بِالْعِلْمِ وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقّ الْخَلْق بِامْتِثَالِ أَمْر رَبّه فَلَوْ كَانَ أَمَرَ أَنْ يَعْتَمِر بَعْد الْحَجّ كَانَ أَوْلَى الْخَلْق بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى ذَلِكَ وَلَا رَيْب أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِعْتَمَرَ مَعَ حَجَّته فَكَانَتْ عُمْرَته مَعَ الْحَجّ لَا بَعْده قَطْعًا
وَنُصْرَة الْأَقْوَام إِذَا أَفْضَتْ بِالرَّجُلِ إِلَى هَذَا الْحَدّ ظَهَرَ قُبْحهَا وَفَسَادهَا
وَقَوْلهمْ مَحْمُول عَلَى تَحْصِيلهمَا مَعًا
قُلْنَا أَجَل وَقَدْ حَصَّلَهُمَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا بِالْقِرَانِ عَلَى الْوَجْه الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسه وَتَبِعَهُ أَصْحَابه مِنْ إِهْلَاله وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْله وَهُوَ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ جَمَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن حَجَّة وَعُمْرَة وَتَأْوِيل هَذَا بِأَنَّهُ أَمْر أَوْ إِذْن فِي غَايَة الْفَسَاد وَلِهَذَا قَالَ تَمَتَّعَ وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ فَأَخْبَرَ عَنْ فِعْله وَفِعْلهمْ
وَسُمِّيَ الْقِرَان تَمَتُّعًا وَهُوَ لُغَة الصَّحَابَة كَمَا سَيَأْتِي
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ إِهْلَاله بِهِمَا أَحَدهمَا بَعْد الْآخَر وَهُمْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعَائِشَة فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُمَا وَبَدَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَعَنْ عَائِشَة مِثْله
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِعْتَمَرَ أَرْبَع عُمَر الرَّابِعَة مَعَ حَجَّته وَمِنْ الْمَعْلُوم ضَرُورَة أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِر بَعْد الْحَجّ فَكَانَتْ عُمْرَته مَعَ حَجَّته قَطْعًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِثْله عَنْ أنس
واتفق ستة عشرة