الْعَقِيقِ وَبِقُرْبِ الْعَقِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ
وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّ تُبَّعًا لَمَّا انْحَدَرَ فِي مَكَانٍ عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ هَذَا عَقِيقُ الْأَرْضِ فَسُمِّيَ الْعَقِيقُ (وَقَالَ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ) بِرَفْعِ عُمْرَةٍ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِنَصَبِهَا بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ جَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أن حجه كَانَ قِرَانًا
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَعْتَمِرُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بَعْدَ فَرَاغِ حَجِّهِ
وَظَاهِرُ حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا أن حجه صلى الله عليه وَسَلَّمَ الْقِرَانَ كَانَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ فَكَيْفَ يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَيُنْظَرُ فِي هَذَا فَإِنْ أُجِيبَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تطيبا لِخَوَاطِرِ أَصْحَابِهِ فَهُوَ تَغْرِيرٌ لَا يَلِيقُ نِسْبَةُ مِثْلِهِ إِلَى الشَّارِعِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ (رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَرَدَتْ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ فَقَالَ مِسْكِينٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ بِلَفْظِ قَالَ وَحَرْفُ فِي بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ بِلَفْظِ قُلْ صِيغَةُ أَمْرٍ وَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِلَفْظِ قُلْ وَحَرْفُ فِي فَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ لِلْأَوْزَاعِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ بِحَرْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وأخرجه البخاري وبن مَاجَهْ
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ قُلْ ذَلِكَ لِأَصْحَابِكَ أَيْ أَعْلِمْهُمْ أَنَّ الْقِرَانَ جَائِزٌ
وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ وَقَالَ لِأَنَّهُ هُوَ الذي أمر به النبي وَأَحَبَّ
فَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ حَجَّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ كَأَنَّهُ قَالَ إِذَا حَجَجْتَ فَقُلْ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَتَكُونُ فِي حَجَّتِكَ الَّتِي حَجَجْتَ فِيهَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى تَحْصِيلِهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ عُمْرَةَ التَّمَتُّعِ وَاقِعَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِيهِ إِعْلَامٌ بِفَضِيلَةِ الْمَكَانِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَبِشْرِ بْنِ بَكْرٍ
وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ ثَلَاثَتِهِمْ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ
وَفِي الِاعْتِصَامِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ عَنِ النُّفَيْلِيِّ عَنْ مِسْكِينٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِهِ وبن مَاجَهْ فِيهِ عَنْ دُحَيْمٍ عَنِ