للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزعم أنه كَانَ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّ هَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ فَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أن النبي قِيلَ لَهُ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ (أَوْ رَأَيْتُهُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (يُقَصَّرُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التقصير (قال بن خَلَّادٍ) فِي حَدِيثِهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ وَلَمْ يذكر بن خلاد لفظ أخبره بل قال عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَصَّرْتُ الْحَدِيثَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[١٨٠٣] (بِحَجَّتِهِ) قَالَ السِّنْدِيُّ لَعَلَّ مُعَاوِيَةَ عَنَى بِالْحَجَّةِ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ وَلَا يُسَوَّغُ هَذَا التَّأْوِيلُ فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ فِي ذِي الْحِجَّةِ أَوْ لَعَلَّهُ قَصَّرَ عَنْهُ بَقِيَّةَ شَعْرٍ لَمْ يَكُنِ اسْتَوْفَاهُ الْحَلَّاقُ بَعْدَهُ فَقَصَّرَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ يَوْمَ النَّحْرِ انْتَهَى

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه بَعْد قَوْل الْمُنْذِرِيِّ وَقَدْ قَالَتْ حَفْصَة مَا بَال النَّاس حَلُّوا إِلَخْ وَاحْتَجَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ فِي حَجَّة الْوَدَاع تَمَتُّعًا حَلَّ فِيهِ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْره

وَهَذَا غَلَط مِنْهُمْ فَإِنَّ الْمَعْلُوم مِنْ شَأْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُحِلّ بِعُمْرَةٍ فِي حَجَّته وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْي لَأَحْلَلْت وَهَذَا لَا يَسْتَرِيب فِيهِ مَنْ لَهُ عِلْم بِالْحَدِيثِ فَهَذَا لَمْ يَقَع فِي حَجَّته بِلَا رَيْب إِنَّمَا وَقَعَ فِي بَعْض عُمَره وَيَتَعَيَّن أَنْ يَكُون فِي عُمْرَة الْجِعِرَّانَة وَاَللَّه أَعْلَم لِأَنَّ مُعَاوِيَة إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْم الْفَتْح مَعَ أَبِيهِ فَلَمْ يُقَصِّر عَنْهُ فِي عُمْرَة الْحُدَيْبِيَة وَلَا عُمْرَة الْقَضِيَّة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا فِي الْفَتْح وَلَمْ يُحِلّ مِنْ إِحْرَامه فِي حَجَّة الْوَدَاع بِعُمْرَةٍ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي عُمْرَة الْجِعِرَّانَة هَذَا إِنْ كَانَ الْمَحْفُوظ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَصَّرَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ الْمَحْفُوظ هُوَ الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَهُوَ قَوْله رَأَيْته يُقَصِّر عَنْهُ عَلَى الْمَرْوَة فَيَجُوز أَنْ يَكُون فِي عُمْرَة الْقَضِيَّة أَوْ الْجِعِرَّانَة حَسْب وَلَا يَجُوز فِي غَيْرهمَا لِمَا تَقَدَّمَ

وَاَللَّه أَعْلَم

<<  <  ج: ص:  >  >>