للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وسعيه بين الصفا والمروة

فحكى بن عُمَر وَعَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجّ أَرَادَا خُرُوجه إِلَى مِنَى مِنْ مَكَّة مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون بَيْن هَذِهِ الْأَخْبَار تَضَادّ أَوْ تَهَاتُر وَفَّقَنَا اللَّه لِمَا يُحِبّهُ مِنْ الْخُضُوع عِنْد وُرُود السُّنَن إِذَا صَحَّتْ وَالِانْقِيَاد لِقَبُولِهَا وَاتِّهَام الْأَنْفُس وَإِلْزَاق الْخَطَأ بِهَا إِذَا لَمْ يُوَفَّق لِإِدْرَاكِ حَقِيقَة الصَّوَاب دُون الْقَدْح فِي السُّنَن وَالتَّعْرِيج عَلَى الآراء المنكوسة والمقاييس المعكوسة إنه خير مسؤول تَمَّ كَلَامه

وَطَائِفَة قَالَتْ كَانَ مُفْرِدًا أَوَّلًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْعُمْرَة عَلَى الْحَجّ فَصَارَ قَارِنًا فَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصه وَأَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بِذَلِكَ بَيْن الْأَحَادِيث

وَهَذَا مَعَ أَنَّ الْأَكْثَر لَا يُجَوِّزُونَهُ فَلَمْ تَأْتِ لَفْظَة وَاحِدَة تَدُلّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّل فَإِنَّهُ قَدْ قَالَهُ طَائِفَة وَفِيهِ أَحَادِيث صِحَاح

وَطَائِفَة قَالَتْ قَرَنَ اِبْتِدَاءً مِنْ حِين أَحْرَمَ وَهُوَ أَصَحّ الْأَقْوَال لِحَدِيثِ عُمَر وَأَنَس وَغَيْرهمَا وَقَدْ تَقَدَّمَا

وَاَلَّذِينَ قَالُوا أَفْرَدَ طَائِفَتَانِ طَائِفَة ظَنَّتْ أَنَّهُ أَفْرَدَ إِفْرَادًا اِعْتَمَرَ عَقِبه مِنْ التَّنْعِيم

وَهَذَا غَلَط بِلَا رَيْب لَمْ يُنْقَل قَطّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح وَلَا ضَعِيف وَلَا قَالَهُ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة وَهُوَ خِلَاف الْمُتَوَاتِر الْمَعْلُوم مِنْ فِعْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَطَائِفَة قَالَتْ أَفْرَدَ إِفْرَادًا اِقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى الْحَجّ وَلَمْ يَعْتَمِر

وَالْأَحَادِيث الثَّابِتَة الَّتِي اِتَّفَقَ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى صِحَّتهَا صَرِيحَة فِي أَنَّهُ اِعْتَمَرَ عَقِبه فَهُوَ بَاطِل قَطْعًا وَإِنْ كَانَ إِفْرَادًا مُجَرَّدًا عَنْ الْعُمْرَة فَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تَدُلّ عَلَى خِلَافه

وَاَلَّذِينَ قَالُوا تَمَتَّعَ

طَائِفَتَانِ طَائِفَة قَالَتْ تَمَتَّعَ تَمَتُّعًا حَلَّ مِنْهُ

وَهَذَا بَاطِل قَطْعًا كَمَا تَقَدَّمَ

وَطَائِفَة قَالَتْ تَمَتَّعَ تَمَتُّعًا لَمْ يُحِلّ مِنْهُ لِأَجْلِ الْهَدْي

وَهَذَا وَإِنْ كَانَ أَقَلّ خَطَأ مِنْ الَّذِي قَبْله فَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ قَرَنَ إِلَّا أَنْ يُرِيدُوا بِالتَّمَتُّعِ الْقِرَان فَهَذَا حَقّ

وَطَائِفَة قَالَتْ أَحْرَمَ إِحْرَامًا مُطْلَقًا ثُمَّ عَيَّنَهُ بِالْإِفْرَادِ وَهَذَا أَيْضًا يَكْفِي فِي رَدّه الْأَحَادِيث الثَّابِتَة الصَّرِيحَة

وَطَائِفَة قَالَتْ قَرَنَ وَطَافَ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ

وَالْأَحَادِيث الثَّابِتَة الَّتِي لَا مَطْعَن فِيهَا تُبْطِل ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم

<<  <  ج: ص:  >  >>