الْعُلَمَاءِ فِي تَنَاوُلِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَلَى أَثَرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
[١٨٥٠] (فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ أَنَا حُرُمٌ) وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى كَوْنِهِ مُحْرِمًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ سَبَبُ الامتناع خاصة وهو قول علي وبن عباس وبن عُمَرَ وَاللَّيْثِ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِعُمُومِ قوله تعالى وحرم عليكم صيد البر وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُ ذَلِكَ حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ وَسَيَأْتِي
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ لَحْمِ الصَّيْدِ مُطْلَقًا وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ يَسْتَلْزِمُ إِطْرَاحَ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِلَا مُوجِبٍ فَالْحَقُّ مَعَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ فَقَالَ أَحَادِيثُ الْقَبُولِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا يَصِيدُهُ الْحَلَالُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُهْدِي مِنْهُ لِلْمُحْرِمِ
وَأَحَادِيثُ الرَّدِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا صَادَهُ الْحَلَالُ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ حَدِيثُ جَابِرٍ الْآتِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[١٨٥١] (يَقُولُ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ) هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَنْ يَصِيدَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ يَصِيدَهُ غَيْرُهُ لَهُ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَصِيدَهُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُصَادَ لَهُ بَلْ يَصِيدُهُ الْحَلَالُ لنفسه ويطعمه المحرم وَمُقَيِّدٌ لِبَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ كَحَدِيثِ الصَّعْبِ وَطَلْحَةَ وَأَبِي قَتَادَةَ وَمُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْمُطَّلِبُ لَا نَعْرِفُ لَهُ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرٍ وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرٍ وَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَحْتَ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمِمَّنْ هَذَا مَذْهَبُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَأْكُلُ الْمُحْرِمُ مَا لَمْ يَصِدْ إِذَا كَانَ قَدْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ وَإِلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَالُوا لِأَنَّهُ الآن ليس بصيد
وكان بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute