الْوَدَاعِ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إِلَّا لِمَنْ أَقَامَ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالْإِقَامَةِ انْتَهَى
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اسْتِدْلَالُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى وُجُوبِهِ بِأَنَّهُ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوَافَ الْقُدُومِ مَعَ كَوْنِهِ يَشْتَكِي بَلْ طَافَ عَلَى بَعِيرِهِ وَكَذَا أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِأَنَّهَا تَطُوفُ رَاكِبَةً وَهَذَا شَأْنُ مَا يَكُونُ وَاجِبًا وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى قَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ طَوَافِ الْقُدُومِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلْيَطَّوَّفُوا بالبيت العتيق ولفعله صلى الله عليه وسلم وقوله خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنَّهُ سُنَّةٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ قَالَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْوُجُوبِ بِالْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ لِأَنَّهَا فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ إِجْمَاعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي غاية المقصود (يستلم الركن بمحجن) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى طَوَافِهِ عَلَى الْبَعِيرِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ وَأَنْ يُشَاهِدُوهُ فَيَسْأَلُوهُ عَنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَيَأْخُذُوا عَنْهُ مَنَاسِكَهُمْ فَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ يُشْرِفَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ الطَّوَافِ عَنِ الْمَحْمُولِ وَإِنْ كَانَ مُطِيقًا لِلْمَشْيِ
وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَرَى بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرًا لِأَنَّ الْبَعِيرَ إِذَا بَقِيَ فِي الْمَسْجِدِ الْمُدَّةَ الَّتِي يُقْضَى فِيهَا الطَّوَافُ لَمْ يَكَدْ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَبُولَ فَلَوْ كَانَ بَوْلُهُ يُنَجِّسُ الْمَكَانَ لَنُزِّهَ الْمَسْجِدُ عَنْ إِدْخَالِهِ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْمِحْجَنُ الْعُودُ الْمُعَقَّفُ الرَّأْسِ يَكُونُ مَعَ الرَّاكِبِ يُحَرِّكُ بِهِ رَاحِلَتَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[١٨٧٨] (قَالَتْ لَمَّا اطْمَأَنَّ) أَيْ صَارَ مُطْمَئِنًّا
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ
وَصَفِيَّةُ هَذِهِ أَخْرَجَ لَهَا الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثًا
وَقِيلَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِصَحَابِيَّةٍ
وَإِنَّ الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن النسائي وأبي بكر البرقاني وذكرها بن السَّكَنِ فِي كِتَابِهِ فِي الصَّحَابَةِ وَكَذَلِكَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلَهَا رِوَايَةٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ تَقُولُ فِيهِ وَأَنَا