فَيُوضَعُ عَلَيْهَا الثِّيَابُ (عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) هِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْمُرَادُ حَجَّةُ الْوَدَاعِ (فَقَالَ) أَيْ أَشَارَ (فَعَقَدَ) أَيْ بِأَنَامِلِهِ عَدَدَ تِسْعَةٍ (مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا أَيْ لَبِثَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ اعْتَمَرَ
وَقَدْ فُرِضَ الْحَجُّ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَمَرَّ بَيَانُهُ
(ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ) بِلَفْظِ الْمَعْرُوفِ أَيْ أَمَرَ بِأَنْ يُنَادَى بَيْنَهُمْ وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ الْمَجْهُولِ أَيْ نَادَى مُنَادٍ بإذنه (في العاشرة) مَعْنَاهُ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ وَأَشَاعَهُ بَيْنَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا لِلْحَجِّ مَعَهُ وَيَتَعَلَّمُوا الْمَنَاسِكَ وَالْأَحْكَامَ وَيُشَاهِدُوا أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ وَيُوصِيهِمْ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَتَشِيعَ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ وَتَبْلُغَ الرِّسَالَةُ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ
وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِيذَانُ النَّاسِ بِالْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ لِيَتَأَهَّبُوا بِهَا (كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ) أَيْ يَطْلُبُ وَيَقْصِدُ (أَنْ يَأْتَمَّ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ يَقْتَدِيَ (وَيَعْمَلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ
قَالَ الْقَاضِي هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَهُمْ لَا يُخَالِفُونَهُ وَلِهَذَا قَالَ جَابِرٌ وَمَا عَمِلَ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ وَمِثْلُهُ تَوَقُّفُهُمْ عَنِ التَّحَلُّلِ بِالْعُمْرَةِ مَا لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى أَغْضَبُوهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَتَعْلِيقُ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى إِحْرَامَهُمَا عَلَى إحرام النبي انْتَهَى
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَقَدْ بَلَغَ جُمْلَةُ من معه مِنْ أَصْحَابِهِ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ تِسْعِينَ أَلْفًا وَقِيلَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا انْتَهَى
(وَخَرَجْنَا مَعَهُ) أَيْ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ) فَنَزَلَ بِهَا فَصَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ وَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَكَانَ نِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ مَعَهُ فَطَافَ عَلَيْهِنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اغْتَسَلَ غُسْلًا ثَانِيًا لِإِحْرَامِهِ غَيْرَ غُسْلِ الْجِمَاعِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِرْقَاةِ (اغْتَسِلِي) فِيهِ اسْتِحْبَابُ غُسْلِ الْإِحْرَامِ لِلنُّفَسَاءِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ (وَاسْتَذْفِرِي) وَالِاسْتِذْفَارُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ لِتَمْنَعَ سَيَلَانَ الدَّمِ أَيْ شُدِّي فَرْجَكِ
وَفِيهِ صِحَّةُ إِحْرَامِ النُّفَسَاءِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (فِي الْمَسْجِدِ) الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ رَكْعَتَيِ الْإِحْرَامِ (ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ) هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْمَدِّ
قَالَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute