للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ مُتَأَكِّدَةُ التَّحْرِيمِ شَدِيدَتُهُ

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ لِضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَإِلْحَاقِ النَّظِيرِ بِالنَّظِيرِ قِيَاسًا (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ) أَيْ فَعَلَهُ أَحَدُكُمْ (مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ (تَحْتَ قَدَمَيَّ) بِالتَّثْنِيَةِ (مَوْضُوعٌ) أَيْ كَالشَّيْءِ الْمَوْضُوعِ تَحْتَ الْقَدَمِ وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ إِبْطَالِهِ وَالْمَعْنَى عَفَوْتُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَجُلٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارَ كَالشَّيْءِ الْمَوْضُوعِ تَحْتَ الْقَدَمِ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ إِبْطَالُ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ وَبُيُوعِهَا الَّتِي لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ وَأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي قَتْلِهَا وَأَنَّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ يَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِلَى طِيبِ نَفْسِ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ) أَيْ مَتْرُوكَةٌ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ أَعَادَهَا لِلِاهْتِمَامِ أَوْ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْكَلَامِ (وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ) أَيْ أَضَعُهُ وَأَتْرُكُهُ (دِمَاؤُنَا) أَيِ الْمُسْتَحَقَّةُ لَنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ دِمَاءُ أَقَارِبِنَا وَلِذَا قَالَ الطِّيبِيُّ ابْتَدَأَ فِي وَضْعِ الْقَتْلِ وَالدِّمَاءِ بِأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَقَارِبِهِ لِيَكُونَ أَمْكَنَ فِي قُلُوبِ السَّامِعِينَ وأسد لباب الطمع بترخص فيه (دم بن ربيعة) اسمه إياس هو بن عم النبي

قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ وَالْجُمْهُورُ اسْمُ هَذَا الِابْنِ إِيَاسُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

وَقَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ بَعْضُ رُوَاةِ مُسْلِمٍ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ

قَالَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ قِيلَ هُوَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ بن ربيعة لأن ربيعة عاش بعد النبي إِلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَتَأَوَّلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فَقَالَ دَمُ رَبِيعَةَ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الدَّمِ فَنَسَبَهُ إِلَيْهِ انْتَهَى

(كَانَ مُسْتَرْضَعًا) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ كَانَ لِابْنِهِ ظِئْرٌ تُرْضِعُهُ (فَقَتَلَتْهُ) أي بن رَبِيعَةَ (هُذَيْلٌ) وَكَانَ طِفْلًا صَغِيرًا يَحْبُو بَيْنَ الْبُيُوتِ فَأَصَابَهُ حَجَرٌ فِي حَرْبِ بَنِي سَعْدٍ مَعَ قَبِيلَةِ هُذَيْلٍ فَقَتَلَهُ (وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ) يُرِيدُ أَمْوَالَهُمُ الْمَغْصُوبَةَ وَالْمَنْهُوبَةَ

وَإِنَّمَا خَصَّ الرِّبَا تَأْكِيدًا لِأَنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ مَعْقُولٌ فِي صُورَةِ مَشْرُوعٍ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَأَوَّلُ رِبًا) أَيْ زَائِدٍ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) قِيلَ إِنَّهُ بَدَلٌ مِنْ رِبَانَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ (فَإِنَّهُ) أَيِ الرِّبَا أَوْ رِبَا عَبَّاسٍ (مَوْضُوعٌ كُلُّهُ) تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ وَالْمُرَادُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ المال

قال تعالى وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>