أَيْ سُلَيْمٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ للأحاديث الصحيحة عن بن عُمَرَ فِي هَذَا وَعَلَّاجُ بْنُ عَمْرٍو ذَكَرَ البخاري أنه رأى بن عُمَرَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّ سُلَيْمَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَهُوَ أبو الشعثاء قد سمع من بن عُمَرَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا جَاءَ فِيهِ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ قَوْلُهُ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ يَعْنِي لِكُلِّ صَلَاةٍ دُونَ أَذَانٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِأَذَانٍ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَهُوَ حَجٌّ وَاحِدٌ لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَا لِذِكْرِ أَذَانٍ وَلَا نَفْيِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى هَذَا وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي إِثْبَاتِ جَابِرٍ إِقَامَتَهُنَّ وَنَصَّ بن عُمَرَ عَلَى إِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَعَلَّهُ يَعْنِي بِوَاحِدَةٍ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ يَعْنِي دُونَ أَذَانٍ فِيهَا وَبَقِيَتِ الْأُولَى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
بَيْنهمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا الْجَمْع بَيْنهمَا بِإِقَامَتَيْنِ وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا الْجَمْع بَيْنهمَا بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَة وَاحِدَة لَهُمَا وَعَنْهُ مَرْفُوعًا الْجَمْع بَيْنهمَا دُون ذِكْر أَذَان وَلَا إِقَامَة وَهَذِهِ الرِّوَايَات صَحِيحَة عَنْهُ فَيَسْقُط الْأَخْذ بها لاختلافها واضطرابها
وأما حديث بن مَسْعُود فَإِنَّهُ مَوْقُوف عَلَيْهِ مِنْ فِعْله
وَأَمَّا حديث بن عَبَّاس فَغَايَته أَنْ يَكُون شَهَادَة عَلَى نَفْي الْأَذَان وَالْإِقَامَة الثَّابِتَيْنِ وَمَنْ أَثْبَتَهُمَا فَمَعَهُ زِيَادَة عِلْم وَقَدْ شَهِدَ عَلَى أَمْر ثَابِت عَايَنَهُ وَسَمِعَهُ
وَأَمَّا حَدِيث أُسَامَة فَلَيْسَ فِيهِ الْإِتْيَان بِعَدَدِ الْإِقَامَة لَهُمَا وَسَكَتَ عَنْ الْأَذَان وَلَيْسَ سُكُوته عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى حَدِيث مَنْ أَثْبَتَهُ سَمَاعًا صَرِيحًا بَلْ لَوْ نَفَاهُ جُمْلَة لَقَدَّمَ عَلَيْهِ حَدِيث مَنْ أَثْبَتَهُ لِتَضَمُّنِهِ زِيَادَة عَلَى خَفِيَتْ عَلَى النَّافِي
الْوَجْه الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيث جَابِر فِي جَمْعه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَة أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ فِي حَدِيث ثَابِت قَطُّ خِلَافه وَالْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةِ كَالْجَمْعِ بَيْنهمَا بِعَرَفَة لَا يَفْتَرِقَانِ إِلَّا فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فَلَوْ فَرَضْنَا تَدَافُع أَحَادِيث الْجَمْع بِمُزْدَلِفَةَ جُمْلَة لَأَخَذْنَا حُكْم الْجَمْع مِنْ جَمْع عَرَفَة