للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَيْرُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا تَكَلَّفَهَا فَلَيْتَهَا تُقْبَلُ كَمَا تُقْبَلُ الرَّكْعَتَانِ انْتَهَى

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَيْبِ وَهَلْ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاتَهُ أَمْ لَا فَتَمَنَّى أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ مِنَ الْأَرْبَعِ الَّتِي يُصَلِّيهَا رَكْعَتَانِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَلِ الزَّائِدُ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ عِنْدَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَالرَّكْعَتَانِ لابد مِنْهُمَا وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا أُتِمُّ مُتَابَعَةً لِعُثْمَانَ وَلَيْتَ اللَّهَ قَبِلَ مِنِّي رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِتْمَامُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لَمْ يُتَابِعُوا عُثْمَانَ إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَلَأِ مِنَ الصَّحَابَةِ مُتَابَعَتُهُ عَلَى الْبَاطِلِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ رَأْيِهِمْ جَوَازَ الْإِتْمَامُ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمُ الْقَصْرَ أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ شَرٌّ فَلَوْ كَانَ الْإِتْمَامُ لَا يَجُوزُ لَكَانَ الْخِلَافُ لَهُ خَيْرًا مِنَ الشَّرِّ إِلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا صَلَّى عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ كَانَ اتَّخَذَهَا وَطَنًا

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اتَّخَذَ الْأَمْوَالَ بِالطَّائِفِ وَأَرَادَ أن يقيم بها وكان من مذهب بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَدِمَ عَلَى أَهْلٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ

وقال أحمد بن حنبل بمثل قول بن عَبَّاسٍ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ مَا ذكره بن قرة عن بن مَسْعُودٍ

[١٩٦١] (لِأَنَّهُ أَجْمَعَ) أَيْ أَجْمَعَ عَزِيمَتَهُ وَصَمَّمَ قَصْدَهُ عَلَى الْإِقَامَةِ بَعْدَ الْحَجِّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُنْقَطِعٌ الزُّهْرِيُّ لَمْ يُدْرِكْ عُثْمَانَ رَضِيَ الله عنه

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه بَعْد قَوْل الْمُنْذِرِيِّ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَان أَنَّهُ تَأَهَّلَ بِمَكَّة فَيَرُدّهُ سَفَر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَوْجَاتِهِ وَأَمَّا ما روي عن عثمان أنه تَأَهَّلَ بِمَكَّة فَيَرُدّهُ أَنَّ هَذَا غَيْر مَعْرُوف بَلْ الْمَعْرُوف أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا أَهْل وَلَا مَال وَقَدْ ذَكَرَ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَان بْن عَفَّان كَانَ إِذَا اِعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ رَاحِلَته حتى يرجع

ويردده مَا تَقَدَّمَ أَنَّ عُثْمَان مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا بِمَكَّة بَعْد الْهِجْرَة

وقال بن عَبْد الْبَرّ وَأَصَحّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ عُثْمَان أَخَذَ بِالْإِبَاحَةِ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>