(فَكَانَتْ تَقُولُ) أُمُّ مَعْقِلٍ (الْحَجُّ حَجَّةٌ وَالْعُمْرَةُ عُمْرَةٌ) تَعْنِي مَا هُمَا وَاحِدَةٌ فِي الْمَنْزِلَةِ فكيف جعل النبي عمرة رمضان كحجة (ولا شَكَّ (قَدْ قَالَ هَذَا) الْقَوْلَ أَيِ الْعُمْرَةُ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً (فَمَا أَدْرِي أَلِيَ خَاصَّةً) أَوْ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ عَامَّةً
قَالَ الْحَافِظُ في الفتح قال بن خُزَيْمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الشَّيْءَ يُشَبَّهُ بِالشَّيْءِ وَيُجْعَلُ عِدْلَهُ إِذَا أَشْبَهَهُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي لَا جَمِيعِهَا لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُقْضَى بها فرض الحج ولا النذر
وقال بن بَطَّالٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ الَّذِي نَدَبَهَا إِلَيْهِ كَانَ تَطَوُّعًا لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أن العمرة لا تجزىء عَنْ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَعْلَمَهَا أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ الْحَجَّةَ فِي الثَّوَابِ لَا أَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَهَا فِي إِسْقَاطِ الْفَرْضِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِمَارَ لَا يُجْزِئُ عَنْ حَجِّ الْفَرْضِ
وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ نَظِيرُ مَا جَاءَ أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن
وقال بن الْعَرَبِيِّ حَدِيثُ الْعُمْرَةِ صَحِيحٌ وَهُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ فَقَدْ أَدْرَكَتِ الْعُمْرَةُ مَنْزِلَةَ الْحَجِّ بانضمام رمضان إليها
وقال بن الْجَوْزِيِّ فِيهِ أَنَّ ثَوَابَ الْعَمَلِ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ شَرَفِ الْوَقْتِ كَمَا يَزِيدُ بِحُضُورِ الْقَلْبِ وَبِخُلُوصِ الْقَصْدِ
وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عُمْرَةٌ فَرِيضَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةِ فَرِيضَةٍ وَعُمْرَةٌ نَافِلَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةِ نَافِلَةٍ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِبَرَكَةِ رَمَضَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ
قَالَ الْحَافِظُ الثَّالِثُ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ كَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ ولا تعلم هَذَا إِلَّا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَهَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ قَوْلِ أُمِّ مَعْقِلٍ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
وَقَالَ النَّمَرِيُّ أُمُّ طُلَيْقٍ لَهَا صُحْبَةٌ حَدِيثُهَا مَرْفُوعٌ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً فِيهَا نَظَرٌ
وَقَالَ أَيْضًا أُمُّ مَعْقِلٍ الْأَنْصَارِيَّةُ وَهِيَ أُمُّ طُلَيْقٍ لها كنيتان انتهى
قال الحافظ وزعم بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ أُمَّ مَعْقِلٍ هِيَ أُمُّ طُلَيْقٍ لَهَا كُنْيَتَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَبَا معقل مات في عهد النبي وَأَبَا طُلَيْقٍ عَاشَ حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ فَدَلَّ عَلَى تَغَايُرِ الْمَرْأَتَيْنِ انْتَهَى
قُلْتُ لِحَدِيثِ أُمِّ مَعْقِلٍ طُرُقٌ وَأَسَانِيدُ وَلَا يَخْلُو مِنَ الِاضْطِرَابِ في المتن والإسناد
وقد