الطَّوِيلِ وَعَائِشَةُ هُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ هذا الحديث ومنهم حَدِيثَ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ لِصِحَّةِ الْحَدِيثَيْنِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَوَّلَ النَّهَارِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّوَافَ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ وَفَعَلَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ أَخَّرَهُ إِلَى مَا بَعْدِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَتَى بِهِ بَعْدَهَا أَجْزَأَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِذَا تَطَاوَلَ لَزِمَهُ مَعَهُ دَمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مُخْتَصَرٌ
[١٩٩٩] (عَنْ أَبِيهِ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ (وَعَنْ أُمِّهِ) أَيْ أُمِّ أَبِي عُبَيْدَةَ (زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ) بَدَلٌ عَنْ أُمِّهِ وَهِيَ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي يَصِيرُ) أَيْ يَرْجِعُ (إِلَيَّ فِيهَا) أَيْ يَدْخُلُ عَلَيَّ فِيهَا (مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيِ اتَّفَقَ أَنْ كَانَتْ لَيْلَةُ نَوْبَتِي مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ أَيْ مَسَاءَ لَيْلَةٍ تَلِي يَوْمَ النَّحْرِ وَهِيَ لَيْلَةُ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمَسَاءُ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَشْتَدَّ الظَّلَامُ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
ولعل المراد به ها هنا أَوَّلُ اللَّيْلِ (فَصَارَ) أَيْ رَجَعَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَرَأَى قَوْمًا لَمْ يصلوا فصلى بهم ثالثة كما قال بن عُمَر وَهَذِهِ حَرْفَشَة فِي الْعِلْم وَطَرِيقَة يَسْلُكهَا الْقَاصِرُونَ فِيهِ وَأَمَّا فُحُول أَهْل الْعِلْم فَيَقْطَعُونَ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ وَيُحِيلُونَ الِاخْتِلَاف عَلَى الْوَهْم وَالنِّسْيَان الَّذِي هُوَ عُرْضَة الْبَشَر وَمَنْ لَهُ إِلْمَام بِالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَة بِحُجَّتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقطع بأنه لم يصل الظهر فِي ذَلِكَ الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات بِثَلَاثِ جَمَاعَات بَلْ وَلَا مَرَّتَيْنِ
وَإِنَّمَا صَلَّاهَا عَلَى عَادَته الْمُسْتَمِرَّة قَبْل ذَلِكَ الْيَوْم وَبَعْده صَلَّى اللَّه عليه وسلم
وفهم منه آخرون منهم بن حَزْم وَغَيْره أَنَّهُ أَفَاضَ حِين صَلَّاهَا بِمَكَّة
وَفِي نُسْخَة مِنْ نُسَخ السُّنَن أَفَاضَ حَتَّى صَلَّى الظُّهْر ثُمَّ رَجَعَ وَهَذِهِ الرِّوَايَة ظَاهِرَة فِي أَنَّهُ صَلَّاهَا بِمَكَّة كَمَا قَالَ جَابِر وَرِوَايَة حِين مُحْتَمِلَة لِلْأَمْرَيْنِ وَاَللَّه أَعْلَم