للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَشَجَرُهُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا أَوْ قَطَعَ شَجَرًا فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلنُّسُكِ فَأَشْبَهَ الْحِمَى

وَقَالَ بن أبي ذئب وبن أَبِي لَيْلَى يَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ حَرَمَ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحَرَمٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ الْأَحْكَامُ مِنْ تَحْرِيمِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَقَطْعِ الشَّجَرِ وَالْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عليهم واستدلوا بحديث ياأبا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ (إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ اسْمُ الْحَشِيشِ أَيْ مَا تَأْكُلُهُ الدَّابَّةُ وَبِسُكُونِ اللَّامِ مَصْدَرُ عَلَفْتُ عَلْفًا

وَفِيهِ جَوَازُ أَخْذِ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ لِلْعَلَفِ لَا لِغَيْرِهِ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[٢٠٣٦] (قَالَ حَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَلَوْ وَجَدْتُ الظِّبَاءَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا مَا ذَعَرْتُهَا وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى انْتَهَى وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ جَعَلَ رَاجِعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْجُذَامِيِّ هَذَا فَهَذَا الْحَدِيثُ مِثْلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لِأَنَّ الْبَرِيدَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ فِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِمِقْدَارِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ اللَّابَتَانِ الْحَرَّتَانِ وَاحِدَتُهُمَا لَابَةٌ بِتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ الْحَرَّةُ وَالْحَرَّةُ الْحِجَارَةُ السُّودُ وَلِلْمَدِينَةِ لَابَتَانِ شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ وَهِيَ بَيْنَهُمَا

وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَمَى الْمَدِينَةَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَيِ الشَّرْقُ وَالْغَرْبُ وَالْجَنُوبُ وَالشَّمَالُ أَرْبَعَةُ بريدا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا فَصَارَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ (لَا يُخْبَطُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْخَبْطُ ضَرْبُ الشَّجَرِ لِيَسْقُطَ وَرَقُهُ (وَلَا يُعْضَدُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَا يُقْطَعُ وَالْعَضْدُ الْقَطْعُ (إِلَّا مَا يُسَاقُ بِهِ) مِنَ السَّوْقِ يُقَالُ سقت الدابة أسواقها سَوْقًا أَيْ مَا يَكُونُ عَلَفًا لِلْجَمَلِ عَلَى قدر الضرورة فيساق به للجمل لِلرَّعْيِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيِّ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَجْهُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>