إِخْوَانُكُنَّ) خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ رَضَاعَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَتْ فِي حَالَةِ الْكِبَرِ (فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّضَاعَةَ الَّتِي بِهَا يَقَعُ الْحُرْمَةُ مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ وَالرَّضِيعُ طِفْلٌ يُقَوِّيهِ اللَّبَنُ وَيَسُدُّ جُوعَهُ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يَسُدُّ جُوعَهُ اللَّبَنُ وَلَا يُشْبِعهُ إِلَّا الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا فَلَا حُرْمَةَ لَهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِنَّهَا حَوْلَانِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرضاعة قَالُوا فَدَلَّ أَنَّ مُدَّةَ الْحَوْلَيْنِ إِذَا انْقَضَتْ فَقَدِ انْقَطَعَ حُكْمُهَا وَلَا عِبْرَةَ لِمَا زَادَ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حَوْلَانِ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهُ
وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ ثَلَاثُ سِنِينَ
وَيُحْكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ إِذَا كَانَتْ يَسِيرًا حُكْمَ الْحَوْلَيْنِ انْتَهَى
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَجَدْتُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا اخْتِلَافًا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[٢٠٥٩] (مَا شَدَّ الْعَظْمَ) أَيْ قَوَّاهُ وَأَحْكَمَهُ
وَشَدُّ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا إِذَا كَانَ الرَّضِيعُ طِفْلًا يَسُدُّ اللَّبَنُ جُوعَهُ لِأَنَّ مَعِدَتَهُ تَكُونُ ضَعِيفَةً يَكْفِيهَا اللَّبَنُ وَيَنْبُتُ بِذَلِكَ لَحْمُهُ وَيَشْتَدُّ عَظْمُهُ فَيَصِيرُ كَجُزْءٍ مِنَ الْمُرْضِعَةِ فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُرْمَةِ مَعَ أَوْلَادِهَا (لَا تَسْأَلُونَا وَهَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ) الْحَبْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وكسرها العالم وأراد بهذا الحبر بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[٢٠٦٠] (بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (وَقَالَ أَنْشَرَ الْعَظْمَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنْشَرَ الْعَظْمَ مَعْنَاهُ مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَقَوَّاهُ وَالْإِنْشَارُ بِمَعْنَى الْإِحْيَاءُ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ ثم إذا شاء أنشره وَقَدْ يُرْوَى أَنْشَزَ الْعَظْمَ بَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ زَادَ فِي حَجْمِهِ فَنَشَرَهُ انْتَهَى
وَقَالَ السِّنْدِيُّ أَيْ رَفَعَهُ وَأَعْلَاهُ أَيْ أَكْبَرَ حَجْمَهُ