عَلَا أَوْ أُخْتُ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَتَيِ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَإِنْ عَلَتْ فَكُلُّهُنَّ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ يَجُوزُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وأحل لكم ما وراء ذلكم وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ خَصُّوا بِهَا الْآيَةَ
وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنٌ لِلنَّاسِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الوطء بملك اليمنى كَالنِّكَاحِ فَهُوَ حَرَامٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَعِنْدَ الشِّيعَةِ مُبَاحٌ
قَالُوا وَيُبَاحُ أَيْضًا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالُوا وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنْ تجمعوا بين الأختين إِنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً هُوَ حَرَامٌ كَالنِّكَاحِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْ تجمعوا بين الأختين وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ مُخْتَصٌّ بَالنِّكَاحِ لَا يُقْبَلُ بَلْ جَمِيعُ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ مُحَرَّمَاتٌ بَالنِّكَاحِ وَبِمِلْكِ الْيَمِينِ جَمِيعًا
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ يَحِلُّ وَطْؤُهَا بملك اليمين لانكاحها فَإِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا بَاقِي الْأَقَارِبِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ بِنْتَيِ الْعَمَّتَيْنِ وَبِنْتَيِ الْخَالَتَيْنِ وَنَحْوُهُمَا فَجَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عن بعض السلف أنه حرمه
دَلِيلُ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وراء ذلكم وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ زَوْجَةِ الرَّجُلِ وَبِنْتِهِ مِنْ غَيْرِهَا فَجَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ والجمهور وقال الحسن وعكرمة وبن أَبِي لَيْلَى لَا يَجُوزُ
دَلِيلُ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[٢٠٦٧] (كَرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ وَالْعَمَّتَيْنِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ كُرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ أَيْ وَبَيْنَ مَنْ هُمَا عَمَّةٌ وَخَالَةٌ لَهَا فَالظَّرْفُ الثَّانِي مِنْ مَدْخُولِ بَيْنَ مَتْرُوكٌ فِي الْكَلَامِ لِظُهُورِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بَيْنَ الْخَالَتَيْنِ أَيْ وَبَيْنَ مَنْ هُمَا خَالَتَانِ لَهَا وَالْمُرَادُ بَالْخَالَتَيْنِ الصَّغِيرَةُ مِمَّنْ هِيَ خَالَةٌ لَهَا وَالْكَبِيرَةُ مِنْهَا أَوِ الْأَبَوِيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ الْأُمِّ مِنْ أَبٍ وَالْأُمِّيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ الْأُمِّ مِنْ أُمٍّ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْعَمَّتَيْنِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَالْخَالَتَيْنِ الْخَالَةُ وَمَنْ هِيَ خَالَةٌ لَهَا أُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الْخَالَةِ تَغْلِيبًا وَكَذَا الْعَمَّتَيْنِ وَالْكَلَامُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِكَمَالِ الدَّمِيرِيِّ قَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى الْمَجَازِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ