للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَامَ أَوْطَاسٍ الْخَامِسُ غَزْوَةِ تَبُوكٍ السَّادِسُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَهَذِهِ الَّتِي أُورِدَتْ إِلَّا أَنَّ فِي ثُبُوتِ بَعْضِهَا خِلَافًا

قَالَ الثَّوْرِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا وَإِبَاحَتَهَا وَقَعَا مَرَّتَيْنِ فَكَانَتْ مُبَاحَةً قَبْلَ خَيْبَرَ حُرِّمَتْ فِيهَا ثُمَّ أُبِيحَتْ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ عَامُ أَوْطَاسٍ ثُمَّ حُرِّمَتْ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا

وَإِلَى هَذَا التَّحْرِيمِ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَذَهَبَ إِلَى بَقَاءِ الرُّخْصَةِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرُوِيَ رُجُوعُهُمْ وَقَوْلُهُمْ بَالنَّسْخِ وَمِنْ ذلك بن عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ بَقَاءُ الرُّخْصَةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الْقَوْلِ بَالتَّحْرِيمِ

قَالَ الْبُخَارِيُّ بَيَّنَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ منسوخ وأخرج بن مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وأما بن عَبَّاس فَإِنَّهُ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَك فِي إِبَاحَتهَا عِنْد الْحَاجَة وَالضَّرُورَة وَلَمْ يُبِحْهَا مُطْلَقًا فَلِمَا بَلَغَهُ إِكْثَار النَّاس مِنْهَا رَجَعَ وَكَأَنْ يُحْمَل التَّحْرِيم عَلَى مَنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهَا

قَالَ الخطابي حدثنا بن السَّمَّاك حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن سَلَّام حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن دُكَيْن حَدَّثَنَا عَبْد السَّلَام عَنْ الْحَجَّاج عن أبي خالد عن المنهال عن بن جُبَيْر قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاس هَلْ تَدْرِي مَا صَنَعْت وَبِمَا أَفْتَيْت قَدْ سَارَتْ بِفُتْيَاك الرُّكْبَان وَقَالَتْ فِيهِ الشُّعَرَاء

قَالَ وَمَا قَالُوا قُلْت قَالُوا قَدْ قُلْت لِلشَّيْخِ لَمَّا طَالَ محبسه يا صاح هل في فتيا بن عَبَّاس هَلْ لَك فِي رُخْصَة الْأَطْرَاف آنِسَة تكون مثواك حتى رجعة الناس فقال بن عَبَّاس إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَاَللَّه مَا بِهَذَا أَفْتَيْت وَلَا هَذَا أَرَدْت وَلَا أَحْلَلْت إِلَّا مِثْل مَا أَحَلَّ اللَّه الْمَيْتَة وَالدَّم وَلَحْم الْخِنْزِير وَمَا تَحِلّ إِلَّا لِلْمُضْطَرِّ وَمَا هِيَ إِلَّا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّم وَلَحْم الْخِنْزِير

وَقَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ حَدَّثَنَا رَوْح بْن عُبَادَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة سَمِعْت مُحَمَّد بن كعب القرظي يحدث عن بن عَبَّاس قَالَ كَانَتْ الْمُتْعَة فِي أَوَّل الْإِسْلَام مُتْعَة النِّسَاء فَكَانَ الرَّجُل يَقْدَم بِسِلْعَتِهِ الْبَلَد لَيْسَ لَهُ مَنْ يَحْفَظ عَلَيْهِ شَيْئَهُ وَيَضُمّ إِلَيْهِ مَتَاعه فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة إِلَى قَدْر مَا يَرَى أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَته وَقَدْ كَانَتْ تَقْرَأ / < فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ > / حَتَّى نَزَلَتْ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ} إِلَى قَوْله {مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ} فَتُرِكَتْ الْمُتْعَة وَكَانَ الْإِحْصَان إِذَا شَاءَ طَلَّقَ وَإِذَا شَاءَ أَمْسَكَ وَيَتَوَارَثَانِ وَلَيْسَ لَهُمَا مِنْ الْأَمْر شَيْء

فهاتان الروايتان المقيدتان عن بن عَبَّاس تُفَسِّرَانِ مُرَاده مِنْ الرِّوَايَة الْمُطْلَقَة الْمُقَيَّدَة والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>