غَسَّانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قال جاء رجل إلى بن عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ هَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ لَا إِلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ بن حَزْمٍ لَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مُحَلِّلٍ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَدَخَلَ فِيهِ كُلُّ وَاهِبٍ وَبَائِعٍ وَمُزَوِّجٍ فَصَحَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْمُحِلِّينَ وَهُوَ مَنْ أَحَلَّ حَرَامًا لِغَيْرِهِ بِلَا حُجَّةَ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا لَمْ يَنْوِ تَحْلِيلَهَا لِلْأَوَّلِ وَنَوَتْهُ هِيَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي اللَّعْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الشَّرْطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ شَرْطٍ بَيْنَهُمَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُتَنَاهٍ إِلَى مُدَّةٍ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا وَكَانَ نِيَّةً وَعَقِيدَةً فَهُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ فَقَدْ حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُضْمِرَا أَوْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا التَّحْلِيلَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْاهُ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي أَوِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا
وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ
انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ وَإِنَّمَا لَعَنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الْمُرُوءَةِ وَقِلَّةِ الْحَمِيَّةِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى خِسَّةِ النَّفْسِ وسقوطها
أما النسبة إِلَى الْمُحَلَّلِ لَهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا بَالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلِّلِ فَلِأَنَّهُ يُعِيرُ نَفْسَهُ بَالْوَطْءِ لِغَرَضِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَطَؤُهَا لِيُعَرِّضَهَا لِوَطْءِ الْمُحَلَّلِ لَهُ وَلِذَلِكَ مَثَّلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنِ الْقَاضِي
[٢٠٧٧] (فَرَأَيْنَا أَنَّهُ) أَيِ الرَّجُلُ (بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى الحديث المذكور
قال المنذري وأخرجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَحَدِيث جَابِر الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث مُجَالِد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُحَلِّل وَالْمُحَلَّل لَهُ قَالَ هَكَذَا رَوَى أَشْعَث بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ مُجَالِد عَنْ عَامِر عَنْ جَابِر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا حَدِيث لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَائِمِ لِأَنَّ مُجَالِد بْن سَعِيد قَدْ ضَعَّفَهُ بعض أهل