الطبري من طريق بن جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةٍ خَاصَّةٍ
قَالَ نَزَلَتْ فِي كَبْشَةَ بِنْتِ مَعْنِ بْنِ عَاصِمٍ مِنَ الْأَوْسِ وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فَجَنَحَ عَلَيْهَا ابْنُهُ فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت يانبي اللَّهِ لَا أَنَا وَرِثْتُ زَوْجِي وَلَا تُرِكْتُ فَأُنْكَحَ
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ أَرَادَ ابْنُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبي طلحة عن بن عَبَّاسٍ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَةً أَلْقَى عَلَيْهَا حَمِيمُهُ ثَوْبًا فَمَنَعَهَا مِنَ النَّاسِ فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً تَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَتْ دَمِيمَةً حَبَسَهَا حَتَّى تَمُوتَ وَيَرِثَهَا
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا كَانَ الرَّجُلُ يَرِثُ امْرَأَةَ ذِي قَرَابَتِهِ فَيَعْضُلُهَا حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَرُدَّ إِلَيْهِ الصَّدَاقَ
وَزَادَ السُّدِّيُّ إِنْ سَبَقَ الْوَارِثُ فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبَهُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ إِلَى أَهْلِهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا
ذَكَرَ الْحَافِظُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي الْفَتْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[٢٠٩٠] (عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ) مَنْسُوبٌ إِلَى نَحْوٍ بَطْنٌ مِنَ الْأَزْدِ (لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كرها
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَحَدهمَا مَا يَصِل إِلَى الْأَزْوَاج مِنْ أَمْوَالهنَّ بِالْمَوْتِ دُون الْحَيَاة عَلَى مَا يَقْتَضِيه الظَّاهِر مِنْ لَفْظ الْمِيرَاث
الثَّانِي الْوُصُول إِلَى أَمْوَالهنَّ فِي الْحَيَاة وَبَعْدهَا وَقَدْ يُسَمَّى مَا وَصَلَ فِي الْحَيَاة مِيرَاثًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس}
وَهَذَا تَكَلُّف وَخُرُوج عَنْ مُقْتَضَى الْآيَة بَلْ الَّذِي مَنَعُوا مِنْهُ أَنْ يَجْعَلُوا حَقَّ الزَّوْجِيَّة حَقًّا مَوْرُوثًا يَنْتَقِل إِلَى الْوَارِث كَسَائِرِ حُقُوقه وَهَذِهِ كَانَتْ شُبْهَتهمْ أَنَّ حَقَّ الزَّوْجِيَّة اِنْتَقَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ مُوَرِّثهمْ فَأَبْطَلَ اللَّه ذَلِكَ وَحُكِمَ بِأَنَّ الزَّوْجِيَّة لَا تَنْتَقِل بِالْمِيرَاثِ إِلَى الْوَارِث بَلْ إِذَا مَاتَ الزَّوْج كَانَتْ الْمَرْأَة أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَلَمْ يَرِث بُضْعهَا أَحَد وليس البضع كَالْمَالِ فَيَنْتَقِل بِالْمِيرَاثِ
وَقَوْله فَوَعَظَ اللَّه ذَلِكَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدهمَا أَيْ يُقَدَّر فِيهِ حَرْف جَرّ أَيْ فِي ذَلِكَ
وَالثَّانِي أَيْ يَضْمَن وَعَظَ مَعْنَى مَنَعَ وَحَذِرَ وَنَحْوه
وَاسْتَنْبَطَ بَعْضهمْ مِنْ الْآيَة أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُمْسِك اِمْرَأَته وَلَا أَرَب لَهُ فِيهَا طَمَعًا أَنْ تَمُوت فَيَرِث مَالهَا وَفِيهِ نَظَر
وَاَللَّه أعلم