للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا سُبِيَا جَمِيعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَا كَانَ فِي الْمَقَاسِمِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَإِنِ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ فَشَاءَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا جَمَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بحيضة

وقد تأول بن عَبَّاسٍ الْآيَةَ فِي الْأَمَةِ يَشْتَرِيهَا وَلَهَا زَوْجٌ فَقَالَ بَيْعُهَا طَلَاقُهَا وَلِلْمُشْتَرِي اتِّخَاذُهَا لِنَفْسِهِ وَهُوَ خِلَافُ أَقَاوِيلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ

انْتَهَى مُلَخَّصًا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[٢١٥٦] (فَرَأَى امْرَأَةً مُجِحًّا) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ حَامِلٌ تَقْرُبُ وِلَادَتُهَا (أَلَمَّ بِهَا) أَيْ جَامَعَهَا وَالْإِلْمَامُ مِنْ كِنَايَاتِ الْوَطْءِ (لَقَدْ هَمَمْتُ) أَيْ عَزَمْتُ وَقَصَدْتُ (أَنْ أَلْعَنَهُ) أَيْ أَدْعُوَ عَلَيْهِ بَالْبُعْدِ عَنِ الرَّحْمَةِ (لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ) أَيْ يَسْتَمِرُّ إِلَى مَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِلَعْنِهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَلَمَّ بِأَمَتِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا وَهِيَ حَامِلٌ كَانَ تَارِكًا لِلِاسْتِبْرَاءِ وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِ (كَيْفَ يُوَرِّثُهُ) أَيِ الْوَلَدُ (وَهُوَ) أَيْ تَوْرِيثُهُ (وَكَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ) أَيِ الْوَلَدُ (وَهُوَ) أَيِ اسْتِخْدَامُهُ

قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ إِلَخْ أَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ وِلَادَتُهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ هَذَا السَّابِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ قَبْلَهُ فَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنَ السَّابِي يَكُونُ وَلَدًا لَهُ وَيَتَوَارَثَانِ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ السَّابِي لَا يَتَوَارَثَانِ هُوَ وَالسَّابِي لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ بَلْ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ فَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَلْحِقُهُ وَيَجْعَلُهُ ابْنًا لَهُ وَيُوَرِّثُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ تَوْرِيثُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يَحِلُّ تَوَارُثُهُ وَمُزَاحَمَتُهُ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ وَقَدْ يَسْتَخْدِمُهُ اسْتِخْدَامَ الْعَبِيدِ وَيَجْعَلُهُ عَبْدًا يَتَمَلَّكُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْهُ إِذَا وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ مُحْتَمِلَةٍ كَوْنَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

فَالصَّوَاب الْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا وَطِئَهَا حَامِلًا صَارَ فِي الْحَمْل جُزْء مِنْهُ

فَإِنَّ الْوَطْء يَزِيد فِي تَخْلِيقه وَهُوَ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ عَبْد لَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَنْ يَسْتَعْبِدهُ وَيَجْعَلهُ كَالْمَالِ الْمَوْرُوث عَنْهُ فَيُوَرِّثهُ أَيْ يَجْعَلهُ مَالًا مَوْرُوثًا عَنْهُ

وَقَدْ صَارَ فِيهِ جُزْء مِنْ الْأَب

قَالَ الْإِمَام أَحْمَد الْوَطْء يَزِيد فِي سَمْعه وَبَصَره

وَقَدْ صَرَّحَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْله لَا يَحِلّ لِرَجُلٍ أَنْ يَسْقِي مَاءَهُ زَرْع غَيْره وَمَعْلُوم أَنَّ الْمَاء الَّذِي يُسْقَى بِهِ الزَّرْع يَزِيد فِيهِ وَيَتَكَوَّن الزَّرْع مِنْهُ وَقَدْ شَبَّهَ وَطْء الْحَامِل بِسَاقِي الزَّرْع الْمَاء وَقَدْ جَعَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَحِلّ الْوَطْء حَرْثًا وَشَبَّهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْل بِالزَّرْعِ وَوَطْء الْحَامِل بِسَقْيِ الزَّرْع

وَهَذَا دَلِيل ظَاهِر جِدًّا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز نِكَاح الزَّانِيَة حَتَّى تَعْلَم بَرَاءَة رَحِمهَا إِمَّا بِثَلَاثِ حِيَض أَوْ بِحَيْضَةٍ وَالْحَيْضَة أَقْوَى لِأَنَّ الماء الذي من الزنى وَالْحَمْل وَإِنْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَة فَلِمَاءِ الزَّوْج حرمة وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>